يوميات مسافر – 5 –

  الحقلة الخامسة : رحلتي إلى بلاد السند و الهند

أستدرت بجسمي فجأة …فوجدتهم أيضاً قد استداروا معي في نفس اللحظة ,و ذلك بعدما وجدوا أن قرع نعال صاحبهم قد توقفت خطواته فجأه…فكان المنظر كمشهد قد تم التدرب عليه من قبل أكثر من مرة…., لقد تذكرت أنني نسيت أن أسأل صاحبي و صاحب الفندق ..متى يبزغ الفجر ؟ و متى تكون الصلاة ؟ و أين القبلة ؟ و لعلهما صعقا بهذه الأسئلة . فتناظرا و تشاورا ثم أعطاني إجابات تقريبية . بحسبة بسيطة من المعلومات التي جمعتها من أصحابي علمت أننا الآن نقترب من الساعة الخامسة فجراً , فقلت لصاحب المكتب  لقاؤنا غداً سوف يكون الساعة التاسعة صباحاً بإذن الله . فتفاجأ صاحب المكتب و قال : لعل غداً يكون راحة لك بعد سفرك . قلت له لعل لي برنامجاً يجب أن أسير عليه حتى أتتمه قبل وقت مغادرتي . صعدت إلى غرفتي , ففتحت النافذة كأول عمل أقوم به بعد أن أستقر بغرفة جديدة , فلم أرى سو ظلام دامس , و نجوم تسرق النظر من بين السحب , و شعاعُ قمرٍ يجاهد من أجل أن يثبت أنه سيد الليل , فلما علمت أن الليل و السحب الكثيفة أكثر قدرة على فرض سوادهما أغلقت النافذة , و أخذت أنبش أغراضي , و ابحث عن ملابسي و ذلك لأسعد بحمام بارد يطرد النوم , و يصبرني حتى صلاة الفجر . بعدما خرجت أحسست بنشاط , و رأيت النور قد بدأ يزور المكان , فتأكدت أن الفجر قد حان , صليت الفجر , ثم وضعت رأسي على المرتبه بعد أن كسوتها بغطاء جلبته لمثل هذه الظروف القاسية . وضعت رأسي على الوسادة فأحسست أن كل روائح الدنيا العجيبة قد تغلغلت في أنفي , و لأول مرة أعرف معنى كلمة ” تغلغلت ” فحقاً لقد عَبَرت عبر أنفي و أستقرت في كل الحويصلات الهوائية في صدري , متمسكة بالشعب رافضة الخروج مع كل حالة شهيق و زفير . حاولت النوم و لم استطع بالرغم أنني لم أنم منذ وقت بعيد , حاولت مرة تلو أخرى حتى سطعت الشمس على جدران الغرفة . فقلت لنفسي لعلي أذهب و أنظر إلى النافذة و أشبع فضول نظري , و أكتشف المنطقة المجاورة قبل أن أنام . في السماء أشعة الشمس تشرق على إستحياء و تلقي تحية الصباح على أهل الأرض من بين السحب المتقطعة . نظرت من حولي فلم أجد إلا آثاراً من حديقة لم تشذب أطراف أشجارها منذ مدة , و رمية في وسطها بقايا لعبة , و آثار لممرات كانت توصل إلى أطراف الحديقة . ونافورة لم يتبقى منها إلى حوضها و غصت بالماء من آثار الأجواء الممطرة . أحسست بضيق أكثر , و نفسيتي تتغير . ذهبت للفراش , و علمت أن تغلغل الروائح خيرٌ من بقائي على تلك النافذة . بلحظة رضا بالمقدر و المكتوب , وجدت نفسي ببحر النوم , و لم أعي إلا على صوت رنين المنبه . فلأول مرة أفرح بأنني أستيقظ و أنا لم آخذ قدري من النوم بالكامل….

نسيم نجد
www.naseemnajd.com

عن سليمان الصقير

محب للسفر والترحال : مؤلفاتي : 1- 800 خطوة لرحلة سياحية ممتعة 2- 150 طريقة ليصل برك بأمك 3- أمي أنتِ جنتي 4- بنيتي لكِ حبي 5- مذكرات مدمن إنترنت

شاهد أيضاً

يوميات مسافر – 7 –

 الحلقة السابعة : رحلتي لبلاد السند و الهند لقد شربت من كأس النصب و التعب …

تعليق واحد

  1. عبدالواحد محمد

    الاستاذ نسيم نجد ..يوميات مسافرترجمة صادقة لحالة اديب مهموم بما سافر من اجله ولعل اسلوبكم الرشيق في مقالكم انسانا المتاعب الأخري لرحلة السفر ..النصب ..الأحتيال الخ فمنظومتكم حوارية ذات طابع سلسل وسهل ان تجد نفسك قارئا مع سطورك الاولي والي يوميات مسافر نلتقي علي خير اخوكم ..عبدالواحد محمد كاتب القاهرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.