يوميات مسافر – 7 –

 الحلقة السابعة : رحلتي لبلاد السند و الهند

لقد شربت من كأس النصب و التعب في ذاك اليوم حتى ارتويت , فكنت قد أنهيت اختبارات العمالة قبيل المغرب , و واعدت العمال الذي استطاعوا تجاوز الاختبار أن يأتوا للفندق من أجل أن أوقع معهم عقود العمل . وصلت مع صاحب المكتب للفندق , ثم بعد فترة أتى العمال , و كان الخطأ الذي ارتكبته و ينم عن عدم الخبرة , أن استدعيتهم إلى الفندق , و لم أكتفي بذلك بل أخطأت خطأ أعظم , و ذلك بأن استقبلتهم في نفس غرفتي , فلم أكتفي أن يكون الاستقبال في باحة الفندق بل زدت من الكرم العربي و اتفقت أن يكون اللقاء في عقر داري . سمعت طرقت على الباب فإذا بالعمالة قد حضروا . ملابسهم بسيطة , و عليها أثر العمل الذي نفذوه في الاختبار . و عليهم من نظرات الفرح التي تظهرها عيونهم قبل أن تبديها وجوههم  . كان أحدهم عريض المنكبين , اسمر البشرة , و على خده تتوزع شعيرات بيضاء هي بقايا من شعيرات تركت عنوة . كان شكله بجسمه الضخم مهيباً . وكنت أعتقد بل أجزم أن يده لو هوت على جسمي لأصابتني بأضرار جسيمة . على النقيض من ذلك كان هناك عامل آخر نحيف جداً , حتى أن خديه غائرين بين عظمتي الفك , و قد كتف يديه على صدره , و أنزل رأسه في الأرض حياءً .فكنت أشفق عليه و ارحمه من رعشة الهيبة التي عجز أن يخفيها عن نفسه , إلا أنه يحاول عبثاً أن يتماسك و ذلك بوضع يديه المكتفتين إلى صدره .فكنت أعتقد أنه سوف يهب لنصرتي و الدفاع عني لو كان العامل المهيب أراد أن يختبر قدرته على اللكمات الخطافية في أطراف وجهي …ظلوا وقفين , فأمرتهم أن يجلسوا ..فتحدثت معهم.. فكنت كلما نطقت بكلمة أو أشرت بإشارة أجدهم يتبسمون و هم لا يعلمون ما أقول , و لكن هي مجاملة صاحبهم الجديد .فتحت الحقيبة من أجل استخراج العقود و تنبهت أن الحقيبة قد شدت الأنظار , و هذا خطأ آخر , فعمدت أن أجعلها مفتوحة أمامهم , لتظهر بأنها لا تحتوي سوى العقود و الأختام و بعض الأوراق . وقعت العقود , وطلبت منهم التبصيم , و ذلك بعد أن طلبت من صاحب المكتب أن يخبرهم بالمرتبات , و أن يشرح لهم ظروف العمل هناك . فتمت الموافقة منهم على الشروط , و حانت منهم ساعة الوداع فتقدموا و هم يتحدثون بلغة لأعرفها , و كادوا أن يقبلوا يدي من انحناء ظهورهم , فرحاً بأن تمم الله لهم عقدهم ,  ثم لم يلبثوا إلا قليلاً فذهبوا . فاستودعني صاحب المكتب ليذهب معهم . فخطى خطواته الأولى . ثم قلت له قبل أن يخرج إلى أين أنت ذاهب ؟!  قال : لقد أتعبناك هذا اليوم ..فنلقاك بالغد . قلت نعم سوف نلتقي بالغد , و لكن هناك أمر مهم ..ألم أخبرك في الصبح الباكر أنه يجب أن أغير الفندق هذا اليوم . قال صاحب المكتب : لعلك اليوم متعب و غداً نغيره . فقلت المعذرة فلن أستطيع التأخير إلى الغد , قال سوف أذهب أبحث عن فندق ثم آتي إليك . فقلت أيضاً المعذرة سوف أذهب أنا و أنت و حقائبي ( شكله يقول و الله النشبه ) , ثم أتبعت حديثي و قلت عفواً أريد أيضاً أن يكون الفندق من فئة الخمس نجوم , فأحسست أن صاحبي يكاد أن يسقط على رأسه , خاصة أن المكتب متعهد بالسكن . ذهبنا لوسط أسلام أباد . فدخل في شوارعها الرئيسية ثم توقف بجانب فندق الهوليدي إن . فقال سوف اسألهم و أعود إليك , قلت له سوف أذهب معك . تبسم فقال لا نريد أن نتعبك …فأتبع حديثه و قال : سوف أذهب مسرعاً و أعود إليك . عاد بعد فترة قصيرة فقال للأسف لم أحصل على غرفة فالفندق مليء بنزلاء حضروا من أجل مؤتمر هنا . قلت حسناً سوف أتصل على صديقي في السعودية ليتدبر لنا الأمر و يحجز عن طريق شبكة الفندق الرئيسة للهوليدي إن …أخذته الدهشة . ثم صمت برهة ..ثم قال : لعلي أعيد المحاولة مرة أخرى.أحس صاحبي أن لا فكه..و أحسست لمرة الأولى أنني قد استخدمت جميع أسلحتي بالتشبث بقرار الانتقال من ذلك الفندق القذر….و للحديث بإذن الله بقية

عن سليمان الصقير

محب للسفر والترحال : مؤلفاتي : 1- 800 خطوة لرحلة سياحية ممتعة 2- 150 طريقة ليصل برك بأمك 3- أمي أنتِ جنتي 4- بنيتي لكِ حبي 5- مذكرات مدمن إنترنت

شاهد أيضاً

يوميات مسافر – 6 –

الحلقة السادسة : رحلتي إلى بلاد السند و الهند استيقظت و بحثت عن شيء جديد …

2 تعليقات

  1. اكمل رعاك الله 🙂 شوقتنا لمعرفة بقية الرواية.

  2. نسيم نجد

    أٍستاذي..
    كل عام و أنت إلى الله أقرب و كل عام و أنت بالصحة تنعم
    أخي أومس أتمنى أن أستطيع أن أقضي على جميع الموضوعات المؤجلة و هذا بالذات من أجل حضورك الكريم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.