سعودية وسط الأدغال الأفريقية ( 5 )

الصبح الأول

لم يكن ليلهم طويلاً , فقد فاقت قبل أن تشرق الشمس , و عيناها تتقلبان في كوخها الصغير , و كانت نافذة الغرفة هي المكان الذي يمكن أن تطل منه ببصرها بلا حدود , حيث بداية الأمل الوليد . وقفت تنظر كيف يشرق نور الصباح في نيروبي , و كيف يبزغ شعاعها من مشرقها , قبل هذه اللحظة يعم الكون سكون عجيب , و هدوء يخيم على الأفق , ماعدا بعض نفحات النسيم التي تتحين الفرصة لتدخل إلى الغرفة عبر نوافذها , و لتمنح الجميع بنسمات لطيفة و تخبرهم بقرب صبحها , يشق السكون صوت غراب من بعيد , ليبعثر بصوته أوراق هدوء الصباح , فكأنه فتح الباب لمزيد من لضجيج , و لكنه ضجيج جميل , فهو يعني بداية الحياة من جديد , وبداية نهار كانت ترقبه من بعيد , بداية لصفحة جديدة من صفحات الحياة , يوم يحمل بين طياته .. أمل .. خوف .. حب ..ترقب .. وجل .. أشياء ينتظرونها منذ زمن , و هو أيضاً يوم محمل بأشياء متناقضة تجعلهم يخافون الإقدام عليها أو البدء بخوض غمارها أو القدوم إليها و مباشرتها , لم يدم الحال طويلاً حتى رسمت الشمس شعاعها عبر النافذة على أجسام أطفالها , مع نور الصباح بانت بقع حمراء متفرقة على أجسامهم , هي لسعات البعوض التي شاركتهم ليلتهم الأولى , فبدأ هاجس الخوف يتسرب إلى قلب الأم , بل تعود بها الذاكرة إلى النتائج السيئة للسعات البعوض و خطرها .

نادت زوجها فطمئنها بأن الوضع لا يحتمل القلق , أو أن العارض ينذر بخوف , ولكن قلب أم ..و كيف لقلب الأم أن لا يقلق أو يخاف؟! . بل كيف لا تخاف و شبح مرض الملاريا يقف دائماً أمام زائري القارة السوداء ؟!.. و هو مرض يبدأ بأعراض بسيطة و لكن إن أهمل فنهايته إذا أراد الله فهي وخيمة و حزينة , ولعل اسم هذا المرض يعيد ذاكرتي إلى الوراء …

تبدأ القصة بأن شاب زار تلك البقاع , و هذا الشاب أعرفه وقد جالسته من قبل .فهو شاب في مقتبل العمر , رسم له في هذا الحياة طريقا للنجاح , طريقاً للتجارة و منافسة أرباب الأموال , مبتداه الطموح و منتهاه الوصول للأحلام , سار في طريقة و أعطاه الله أكثر مما يتوقع , بدأ حياته في عالم التجارة مبكراً , و وصل في بضع سنوات في سلم التجارة و التجار فصار ممن يشار إليهم بالبنان , كان واقعه الذي أعطاه الله أكثر من أحلامه , كانت أبواب الرزق قد فتحت عليه , بل إنه أصبح يقلب الدنيا في يوم وليله بين يديه , أعجب به من حوله بذكائه , بفطنته , بسرعته لوصوله إلى أهدافه , لقد احتار في نفسه فلم يطرق باب إلى و قد جاءته الدنيا من عدة أبواب , فقد أذعنت إليه راغمة , و جاءته منقادة , و لم يستغرب ذلك فهي إن أتته فهي بتوفيق الله و من ثم بره بوالديه , فقد كان تحت أمرهم و المتلمس لطلباتهم و الساهر على راحتهم , عيناه لا تفارقان وجهيهما , يداه لا تقفان عن تلمس حاجاتهما , لذا فقد كتب الله الدنيا أن تكون بيده , جلس ذات يوم يفكر بتجارته , فوجد أن تجارته لن تكتمل مالم يتاجر في السلع الموصلة للجنان , و مالم يزيد من رصيده في بنك الإيمان ,و مالم يطبع أثراً لأقدامه في طريق النبوة , جالت في ذهنه تلك الأفكار ذات مساء وهو جالس بين أبنائه , فتذكر الآية الكريمة قال تعالى  ( الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً ) , فعرف أن زينة الدنيا و إن اكتملت فإن الباقيات الصالحات هي الأكمل , فلماذا لا يركب ذلك البحر , و يسير في ذلك الطريق , كانت الإجازة الصيفية على الأبواب , فحزم الناس أمتعتهم للسفر , فتحزم هو كذلك لسفر ومقصد آخر , أكمل و أتم .
 

 

 
في صالة المطار الناس يتوافدون على المطار للسفر و الترويح عن أنفسهم , و بذل أموالهم من أجل سعادتهم , هو معهم و لكن في طريق آخر و في اتجاه آخر , يريد أن يسعد نفسه بسعادة الآخرين , يريد أن يسعد نفسه بسعادة الدارين , يريد أن يرفع له منارة في وسط مجاهل أفريقيا الغارقة بالظلال و الظلام , لقد قرر أن يسافر إلى هناك , فكانت أول العقبات  الحجوزات ممتلئة وغير متوفرة لتلك الدول , بحث و استنجد و طلب المساعدة من كل من يعرفهم , و لم يهدأ له بال حتى تم له الحجز , وفي صالة المطار عشرات النداءات لعشرات الخطوط الدولية المسافرة إلى كل الوجهات السياحية في العالم , الكل تبدو على محياه الابتسامة , لكن هو كانت ابتسامته أصفى و كانت سعادته أكمل , فهو على بعد خطوات من تحقيق أمل بتكميل حلم , ركب الطائرة وركب الشوق معه في تلك الرحلة , و وصل إلى أرض الدعوة , و خط لنفسه طريقاً بجانب طريق النبوة , و وضع لقدمه أثراً بجانب آثار أقدم الرسل و الصالحين و الدعاة , تجول , و بذل , و أسس و بناء , و نصح , و وجه , و أرشد , فكان معطاءً بالليل و النهار , و في كل سبيل و في كل اتجاه , و لما حانت ساعة الوداع , نظر نظرة مودع إلى هذه البقعة الطيبة على قلبه , و التي نسي في ثناياها كل هموم دنياه , و طلق في رحابها كل تجارته مع من حوله , إلا الطريق المبين للتجارة مع رب العالمين , أحس براحة عجيبة تملأ عليه قلبه , و لم يحس بها من حين , رغم أن الدنيا كانت تتقلب بين عينيه , قرر العودة و الرجعة إلى بلده , فرجع أكثر إشراقاً و أكثر حماساً .
أخذ بحث عن نور عينيه , عن حبيبيه عن أمه و أبيه و عن زوجته و أولادة , فعلم أنهم يقطنون مكة هذه الأيام لأداء العمرة , طار إليهم من هناك ,
  

 

و القلب يسعد بختام تلك الرحلة بأن تكون عمرة و نظرة إلى أهله , سافر من أفريقيا إلى تلك البقعة المباركة و لسانه يلهج بالثناء لله على تسهيله تلك المهمة و بالدعاء بأن يتقبل الله منه عمله , وصل في وقت متأخر إلى مكة , فاستقبله أباه و أمه و زوجته , يال السعادة أن تلقى الأحباب بجانب بيت الله الحرام , الوجوه مستبشرة و القلوب تكاد أن تتطاير من الفرح , العيون سعيدة و تحمل بداخلها دموع حبيسة , كانت رأفت الوالدين أكبر من الأشواق , فقالا له لعلك تستريح , و في الصبيحة يكون اللقاء , و كان التعب قد أخذ منه كل مأخذ , فصار إلى فراشه طريحاً , و من حوله أطفاله عليه يتقافزون و يلعبون , هي لحظات حتى غط في سبات عميق , و في الصبيحة ذلك اليوم , و عندما أشرقت شمس مكة من خلف جبالها , ناشرة أشعتها اللاهبة , و متسللة إلى أطراف غرفته ,
  

 

و أراد أن يخرج إلى الحرم , أحس بثقل بجسمه , و وهن في أطرافه , و تعب في رأسه , حاول و لم تجدي المحاولات , فعلم أنه عارض بفعل تغير الأجواء , زادت الحمى عليه , حتى لم يهدا لهيبها ساعة , و اشتد ألمها حتى لم ينفع معها علاج أو دواء , و صار يتقلب على أشد من الجمر , فاستخدم المضادات و الأدوية التي تخفف من ذلك , و كل ما من شأنه أن يفك عنه ذاك الضيق , و لم يعلم أن الزائر الأفريقي الشهير الملاريا قد رافقه في رحلته , و أنه أنتقل في أجزاء جسمه , فتغلغل و تمكن منه , فأصيب بصداع شديد , و من بعده بإغماء نقل على أثرها إلى المستشفى , فعملوا كل الفحوصات , فعلموا أن الملاريا قد تسللت إلى رأسه , و بدأت تأخذ من خلايا المخ , فقرروا عزله بغرفة مستقلة , داوم الأب و الأم و الزوجة ولأطفال على زيارته , و من خلف الزجاج العازل , أب ينتظر أن ترمش له عين , و بجانبه أم تتابع أن يثور له نفس , و زوج تتابع أن تنبعث منه حركه , و أطفال يتساءلون لماذا أبي هنا نائم؟ , لماذا يمنعوننا أن ندخل عليه ؟ فقد اشتقنا إليه , لماذا لا يجعلوننا نحتضنه و نلعب معه؟ , وكل يوم على هذه الحالة و لا يتقدم به الحال , يدخلون مع أول الناس في وقت الزيارة ويخرجون مع آخرهم , كانت الأيام تمر عليهم بطيئة , و حزينة , و تعيسه , من الشقة إلى المستشفى إلى الحرم ,
  

 

فيناجون الله في السحر , أب طوت الأيام أكثر عمره , و يفقد أنيسه و أنسه , فيدعو الله من تحت أستار الكعبة أن يشفي قرة عينه , و أن يعيد الصحة لأبنه , و أن يمتعه بعضده , و أم تناجي ربها بقلب حزين , تناجيه أن يمد بعمر زهرة السنين , تناجيه أن يخرجهم من هذا الكرب العظيم , وزوج تناجي و تبكي في ساحة الحرم , فتدمع عينها و تتقطع نياط قلبها و تسأل الله أن يحفظه لها و لصغارها , و في اليوم الرابع , أتوا في الموعد المحدد إلى المستشفى , يأتون و الأمل يسبقهم , و الحلم يعشمهم بأنه قد يكون خرج من غرفة العزل , و أن بإمكانهم أن يسمعوا نبض قلبه , و أن يلامسوا أطراف جسده , أو أن يجلسوا بجنبه حتى ينزل الله فرجه , يمشون في ممرات المستشفى بخطوات مثقله , يجرها كهل أثقلته السنين و أم حملتها الأيام مالا تطيق و صوتها بح من الأنين , و زوج تمسك بيديها أطفالها و تدعي ربها أن يشفي زوجها ويحفظ حبيب قلبها , وصلوا إلى غرفة العزل , نظروا فلم يجدوه , استبشروا أن يكون قد خرج من العزل , علامات الفرح ترتسم على تجاعيد وجه الأب , ظن أن الحياة قد ابتسمت في وجوههم , و أن أبنهم قد خرج من حالة الخطر , هي لحظات حتى ظهر الدكتور من بعيد , فنطقها الأب من أعماق قلبه , بشرني عن أبني , أسعدني أسعدك الله بالحياة , هل نقلتموه إلى غرف المرضى , أسئلة تتدفق كالسيل , نظر الدكتور إلى الأب , خفض رأسه , خيم صمت رهيب على المكان , نظرات الأب صامته , و لسان الدكتور قد عقد , و يقلب يديه فكأنه فقد النطق , قال الدكتور : بعدما أخذ الأب لوحده , عظم الله أجركم و غفر الله لميتمكم و جبر الله مصيبتكم , وقعت تلك الكلمات وقع الصاعقة على الأب , فتلونت الدنيا بالسواد , هي كلمات ما أكثر ما قلناها و لم نتوقع أنها اليوم تبحث عنا لتطرق أسماعنا , دارت بالكون تساؤلات , أحقاً مات , أحقاً رحل , أحقاً غاب بعدما حضر ,

 
أحقاً اختفى القمر خلف ستار السحاب , وسيلبس الأكفان بعد الثياب , و يوارى جسمه تحت التراب , هل بعد أن كنا ننتظر أن تشرق الدنيا علينا بوجهه النظر , نجدها تخلع قناعها لترينا وجهها الأسود , ليتها ترحم أطفالاً رضع , و زوجة أن تفجع , بل ليتها لم تمتد يدها لتنزع قلب أبن من بين أضلع أبيه و أمه , وأنفاس زوج من صدر زوجته , و سعادة أب هو كل أحلام صغاره , أحقاً مات و أسقتنا الحياة كأسها المر بعد أن أسقتنا قطرة من الأمل , هل حقاً مات , سند الأب , وقرة عين الأم , و قلب الزوجة , و حب الأطفال ,
في ظلمة القبر لا أم هناك ولا *** أب شفيـق ولا أخ يؤنسنـي 

هو في قبره الصغير وفي وحشته في لحده أنيسة عمله الصالح , و أب و أم و زوجة و أطفال , في قبرهم الكبير في لحد الدنيا الضيق , في حفرة الهموم و الفقدان و الأحزان , تحثوا عليهم الدنيا من كدرها , و تدفنهم في ضيقها , و تلبسهم تعاستها , إن ضاقت النفس فلا تسعها الحياة كلها من مشرقها إلى مغربها , لقد مات , و ألبست الأيام الأب و الأم لباس الحزن و الهم , و اكتست الزوجة بثوب الحداد , و صار الأطفال بعداد الأيتام , بل لقد مات و في أحشاء الأم طفل كتب عليه اليتم منذ أن كان نطفة , , هل صدق ما حدث , هل من استقبلناه بالأمس بالأحضان نودعه اليوم بالأكفان ,
 

 

هل من كان عنا بالأمس غائب يعود اليوم غائب و بلا رجعة , هل سيختفي القمر للأبد ؟ هل ستطفئ شمعة الحياة ؟  هل ستذبل زهرة السنين ؟ و يغيب معها رحيقها , فإنا لله و إنا إليه راجعون , قضاء الله وقدره فلا راد له , نعم حقاً مات , نعم مات وسكن أول منازل الآخرة , نعم لقد مات بين أبنائه و هم في بداية رحلتهم للعمرة , لقد فقدوه و لم يأنسوا به من بعد رحلته إلى أفريقيا , لم تكتمل فرحتهم بعودته حتى غاب غيبة كلية في هذه الحياة الدنيا ,
نؤمل آمالاً و نرجوا نتاجها *** وباب الردى مما نؤمل أقرب 

زوج مصابة و أطفال يبكون , منظر يبعث في النفس الأحزان , حقيبته التي لم تفتح , ثيابه التي لم تلبس , عطره الذي لم ينفث , بقايا من أغراضه , آهات و حسرات و مصاب جلل , تركت في نفوس محبيه جرح عميق لا تمحوه السنين , ولكن له من الأعمال ما تسلي القلب الحزين , فهنيئاً لرجل ختم حياته بالصالحات , ختم حياته بطريق النبوة , ختم حياته بجانب الحرم , ختم حياته و عين أبيه و أمه عليه تدمع و قلبهما له يدعوان من بره بهما , فأسأل الله أن يتغمده برحمته , فقد عرفته و له ابتسامه , فاللهم أبعثه ملبياً و احشره مع زمرة النبيين و الصديقين و الشهداء و أجمعنا به يارب العالمين في جناتك جنات النعيم , و لعلكم لا تعلمون أن زوجة هذا الشاب هي صديقة العمر لأختي , فهذا الذي يجعلها تخشى من البعوض بشكل يكدر عليها سفرتها , و ينغص عليها أوقاتها , و استودعكم الله إلى لقاء قادم , و أتمنى أن لا تنسوا ذلك الشاب من دعواتكم , و أعتذر أن أطلت عليكم , أو خرجت عن سياق الموضوع , و لكن حسبي أن طريق الدعوة واحد , و أن قلوبهم تحمل ذات الهم و إن اختلفت أجسامهم , فاللهم أجعلنا ممن يحمل هم الدعوة إليك و ممن توفقه و تستخدمه في طاعتك .
و في ختام هذه الورقة

أسأل الله لنا و لكم حسن الختام ,
كان عثمان بن عفان إذا وقف على القبر بكى ، حتى يُبل لحيته ، فقيل له : تذكر الجنة والنار فلا تبكي وتبكي من هذا ؟ فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه فما بعده أيسر منه وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه } قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ما رأيت منظراً قط إلا والقبر أفظع منه }
وقال الشاعر
هو الموت ما منه ملاذ ومهرب *** متى حٌُُط ذا عن نعشه ذاك يركب

و للحديث بقية
نسيم نجد
www.naseemnajd.com

روابط بقية الحلقات….

الحلقة الأولى

الحلقة الثانية

الحلقة الثالثة

الحلقة الرابعة

 الحلقة الخامسة

الحلقة السادسة

الحلقة السابعة

الحلقة الثامنة

الحلقة الأخيرة

عن سليمان الصقير

محب للسفر والترحال : مؤلفاتي : 1- 800 خطوة لرحلة سياحية ممتعة 2- 150 طريقة ليصل برك بأمك 3- أمي أنتِ جنتي 4- بنيتي لكِ حبي 5- مذكرات مدمن إنترنت

شاهد أيضاً

سعودية وسط الأدغال الأفريقية ( الأخيرة )

اليوم الأخير   هذا اليوم هو يوم فسحة و استجمام و نظرة على بعض جوانب …

تعليق واحد

  1. قصة مؤثرة ولقد اعجبتني كثيراً, كاتبها يمتلك مهارة لغوية وكتابية متألقة, اسأل الله ان يحسن خاتمتنا جميعا يارب العالمين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.