هي قصة رحلتي إلى لوسيرن , و حكاية سفري في سويسرا حيث الطبيعة الرائعة , قصة عبر صور متعددة , و حروف تصف جمال تلك الديار

البيوت التاريخية القديمة في لوزيرن او لوسيرن Lucerne-Luzern


naseemnajd, pictures,Switzerland,Interlaken/

عبر الممرات المجاورة للنهر …و كان خط سيري باتجاه المدينة القديمة على الضفة الأخرى…حيث تجتمع هناك البيوت التاريخية الرائعة…

naseemnajd, pictures,Switzerland,Interlaken/

فوصلت إلى جسر حديث…ينقلني فوق قضبانه إلى بغيتي…فأسرعت من خلاله…مخافة أن الوقت يزحمني….

فكان الجمع غفير…فالكل يدور في فلك تلك المناطق السياحة…خاصة و أن النهار انتصف…و الجموع السياحية بدأت تستقل قطار الترحال بين المعالم…و استيقظوا من سباتهم و أخذوا يفكرون بوجهاتهم…

naseemnajd, pictures,Switzerland,Interlaken/

تصعد درجات إلى الأعلى…فيصير النهر تحت ذلك المطل…و تذهب بك تلك الدرجات إلى ممرات صغيرة ضيقة…تنتشر على أطرافها محلات تجارية مختلفة…منها ماخصص للملابس و الجلديات و أجهزة الإلكترونيات…و غيرها الكثير مما تزدحم به تلك المناطق من أماكن الوجبات من المأكولات والحلويات…هذا غير أكشاك التحف التذكارية و الصناعات المحلية…فتعيش عبر هذه الممرات المزدحمة بالناس و الباعة جواً شديد الألفة…

naseemnajd, pictures,Switzerland,Interlaken/

واصلت المسير مع السائرين…و من محل لمحل …و من درج لدرج…و من ممر لممر…حتى اجتمعت ممرات من كافة الجهات بساحة كبيرة في وسط المدينة…هذه الساحة مرصوفة بأحجار منحوتة هي امتداد لتلك الأحجار التي رصفت منها الطرقات القديمة..

naseemnajd, pictures,Switzerland,Interlaken/

في تلك الساحة …وجدت مجموعة سياحة..أغلبيتهم ممن أكل عليهم الدهر و شرب…ظهورهم منثنية…و خطواتهم بطيئة…وجدتهم يستمعون و بصمت لمرشدهم السياحية…فأخذ هذا المرشد يتكلم بهدوء …عن تمثال أمامه منصوب…و هذا التمثال قد خرجت من أجزاء جسمه نوافير مائية…و هؤلاء الجمع كأن على رؤوسهم الطير…لا حراك و أنفاس…إلا ما يحدث و بغير قصد من حركة مظلات المطر من جراء هبوب الرياح…أقف و أتعجب…و أنظر إليهم و استغرب… من هذا الهيام و هذا الحب لمثل هذه التماثيل و المنحوتات…و لا أجد في نفسي أي رغبة أن أتابع مايقول المرشد أو أن أقترب أكثر…لكن أخذت أنظر إلى تنوع تلك المظلات و ألوانها …و كيف أن الناس يختلف مزاجهم ( بصراحة المرأة صاحبة المظلة الأحمر بالأبيض مزاجها بايخ …أنظر للشكل أعلاه )…ثم بدأت أدقق بألوان الجزم ( أكرمكم الله ) و هل تتناسق مع بقية الملابس…تنبهت أن هذه التأملات من التأملات منزوعة الثمرة…رددت إلي تأملاتي…و أخذت أبحث عن المباني القديمة…فوجدت ساحة أخرى…أيضاً فيها نافورة مجسمة…و لكن هذه النافورة لم يصلها جمع الزواحف من السياح…ولم يصلها الدور بالشرح…فنظرت إليها…و قلت لها الويل لك من مرشد سوف يفصفصك فصفصة لجمعٍ من الكهول و العجزة…

naseemnajd, pictures,Switzerland,Interlaken/

هذه الساحة…جميلة جداً…و هي بغية الباحث عن البيوت القديمة…و القصور الأثرية…فأنت وسط الساحة…تعيش كأنك بوسط لوحة فنية متقنة…

naseemnajd, pictures,Switzerland,Interlaken/

واجهات البيوت رسم عليها رسومات عجيبة…بألوان زاهية…و كل بيت له خلفية بلون جميل يعكس ما على جدرانه من التصاوير…

naseemnajd, pictures,Switzerland,Interlaken/

و هذه البيوت مرتفعة البنيات…فتظهر الصورة في أسفله كبيرة…ثم تغدو في أعلاه صغيرة جداً…فتمر السحاب من السماء فتمتزج مع تلك الرسومات التي على البناء…فتصبح كأنها لوحة متحركة…

naseemnajd, pictures,Switzerland,Interlaken/

أم برحلتك عبر جدران تلك المنازل…فأنت تنتقل من عالم إلى عالم…فمن جميل الرسم…إلى بديع مازين النوافذ من الزهر…و ما غطيت به الزجاج من الستائر…إلى ما أمسك ذلك الزهر من الحديد المزخرف المزين بألوان جميلة…إلى جميل النقش المحفور إما على الجدران أو على البوابة أو أطراف النوفذ …

naseemnajd, pictures,Switzerland,Interlaken/

إن التنافس بين تلك البيوت قائم…و التزين ظاهر…و المزاج يختلف من بناء لبناء…و لكن الحسن هو سيد الموقف …و هو صاحب الصوت الأعلى في تلك المنطقة
خرجت من بين تلك البيوت…أو بمعنى أصح تلك اللوحات الزيتية…قاصداً محلاً من ضمن سلسلة المقاصد السياحية الموضوعة في برنامجي…

naseemnajd, pictures,Switzerland,Interlaken/

فمررت ببعض الأماكن التي أعتقد أن لها مكانة سياحية و منزلة عالية إما في قديم أو حديث…حيث تظهر القبب في أركانه…و تبين شرفاته بشكل جميل…و موقعه على النهر ألبسه منظراً أجمل..

naseemnajd, pictures,Switzerland,Interlaken/

ثم تابعت مسيري …ومقصدي لهدفي الذي لا أعلم كيف أصل إليه..فلم أجد وسيلة أفضل من أن أذهب لمحلات التحف و الهدايا التذكارية…و أتفحص الكروت …و عندما أجد صورته أطلب من صاحب المحل أن يدلني عليه…فكما توقعت وجدت صورته تسيطر على الأرفف تنتشر على الكروت…فأخذت كرتاً منها…و سألت صاحب المحل عنه…فنظر إليه…ثم تبسم…ثم أتبع بكلمات أن سعره بكذا…فقلت له لا أريد السعر …بل أريد الموقع…فقال : لا أعلم …أخذت أسيح في المدينة…فوجدت محلاً آخر..ففعلت معه نفس ما فعلت مع صاحبه…فأشار إلى حديقة أمامه…فقلت لا أريد حديقة…إنما أريد هذا التمثال الذي ترى في الصورة..فقال : نعم هو هناك…

naseemnajd, pictures,Switzerland,Interlaken/

فدخلت عليه…فكأني دخلت إلى مملكته…فوجدته في عرينه…و من فوقه سيل من الدموع تتقاطر…حتى كونت بحيرة من أسى …و بحيرة من دموع تنساب على ذلك التمثال الكسير…و أصدقكم القول : لقد ذهبت إليه بعدما تملكني الحزن على قصته التي ترويها لنا أختنا الفاضلة / فتاة عربية.. في موضوعها البلاد السويسرية بعيون فتاة عربية ( دليل شامل للمدن السويسرية )…

naseemnajd, pictures,Switzerland,Interlaken/

….فلكم أن تعيشوا هذه القصة عبر حروف أختنا ..فتقول : . Lowendenkmal تمثال الأسد…و يسمى أيضاً بالأسد النائم, بنيت ذكرى للجنود السويسريين الذين قتلوا دفاعاً عن العائلة المالكة الفرنسية ضد الثوار الفرنسيين في باريس, فأثناء الثورة دافع أكثر من سبعمائة جندي من أبناء لوسيرن القصر الملكي الفرنسي,

naseemnajd, pictures,Switzerland,Interlaken/

و عندما أحس الملك بأن النصر أصبح مستحيلاً قرر الإستسلام ( القرار الذي دفع مقابله أبناء لوسيرن أرواحهم), فأمر الجنود بإلقاء أسلحتهم بعد معركة مريرة مع الثوار, فنفذ الجنود الأوامر لكنهم قتلوا جميعاً على يد أولائك الثوار في مذبحة لن تنساه التاريخ, هذه المجزرة أثرت كثيراً في سكان لويسرن فما أحد منهم إلا وقد فقد عزيز أو قريب, فقرروا نحت تمثال لأسد و هو يصارع الموت كناية عن شجاعة أبنائهم و موتهم بشرف في أرض المعركة. عندما ترى ملامح وجه الأسد عن قرب تستشف كل معاني الألم و الحزن, ففمه مفتوح و كأنه يطلق شهقات الموت الأخيرة, و تلك العينين تبحث عن إجابات لتساؤلات كثيرة, و تنظر إلى المصير المجهول قبل أن تغلق جفونها في وداع أبدي………….

naseemnajd, pictures,Switzerland,Interlaken/

قد يراه البعض تمثالاً عادياً لكنني لم أستطع أن أتمالك نفسي عندما رأيته لأول مرة فوقفت مشدوهة و الدموع تحكي ما عجز عنه الكلام……. فذلك الأسد لم يكن شيئاً عادياً!! لم أبكي عليه إنما على ما يعنيه, فقد شعرت بأحاسيس الأهالي المكلومين و ما عانوه من لوعة و حرقة فراق أبنائهم, فقد ترجموا تلك المشاعر المؤلمة في ذلك الأسد المحتضر. و قد قال عنها مارك توين المعروف بأنها أكثر قطعة أثرية تحرك المشاعر و تبعث فيه الحزن ( ولم يكذب!!), و أخيراً ستجد هناك كتابة لاتينية ترجمتها:
( إهداء إلى كل السويسريين المخلصين و الشجعان)….انتهت كلمات أختنا الفاضلة…
و فعلاً صورته غريبة …و قصته مؤثرة…جداً….


naseemnajd, pictures,Switzerland,Interlaken/

وفي الختام أعتذر لأختنا / فتاة عربية على هذا النقل المتواصل من موضوعها…ولكن لم أجد أفضل و أكمل منه ……وكما أعتذر لها أن نظرنا لمعشوقها…و امتدت عيوننا للتأمل في جميل محياه…..فهي تقول في مقدمة حديثها عن تلك المدينة… ( أشعر و كأن لوسيرن قد بنيت لأجلي, ليس غروراً!! و لكنها المدينة الوحيدة التي أرضت حبي للأدب, و للفنون, و للتاريخ ………. و للجمال أيضاً!. تشبه كثيراً تلك المدن في القصص و الأساطير التي ألهمت خيالي و طفولتي, و في شوارعها تتأمل ملامح الماضي البعيد, فتلك الرسوم على واجهة مبانيها تروي أجمل الحكايات……… قليلة هي المدن التي توازي مكانة هذه المدينة في قلبي, فإن كنت أنا ليلى فلوسيرن بالتأكيد هو قيسي. ).…بعد هذا الفاصل الجميل من معزوفة أختنا …لم يتبقى لي إلا أن أودعكم جميعاً…و أودع قيس و ليلى…و ندعو الله أن ينبلج نور و قد أضاء منتدانا باسم تلك الفتاة….وألقاكم في حلقة قادمة…وهي الحلقة الأخيرة…في طرقات سويسرا…

naseemnajd, pictures,Switzerland,Interlaken/

إلى اللقاء….نسيم نجد

عن سليمان الصقير

محب للسفر والترحال : مؤلفاتي : 1- 800 خطوة لرحلة سياحية ممتعة 2- 150 طريقة ليصل برك بأمك 3- أمي أنتِ جنتي 4- بنيتي لكِ حبي 5- مذكرات مدمن إنترنت

شاهد أيضاً

700إحداثية لمعالم ومزارات وحدائق وأسواق الدول التالية : تركيا – فرنسا – سويسرا – النمسا – إيطاليا -ألمانيا

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها السادة هذه مجموع الموضوعات التي …

2 تعليقات

  1. أبو ريان

    لكل تدوينة نبض يختلف إيقاعه بحسب الموضوع ، وبحسب شغف المتلقي له ، وتدوينة لوزيرن لها وقع خاص عندي نبضاته تزداد سرعة من اللهفة إليها ، وتضعف من الراحة والسكون بين جنباتها ، إذ ارتحلت بين كلماتك إلى شوارعها الحجرية ، وابيسامة أهلها العريضة وماضيها الحاضر ومستقبلها القديم …

    بارك الله فيك أخي نسيم نجد ، وبارك في مرشدتنا صاحبة السبق فتاة عربية ..

    ولكم مني كل الشكر .

  2. نسيم نجد

    أخي الحبيب / أبو ريان..
    تحية تقدير لمروركم الكريم..
    و من منا لا تجذبه تلك البلدة بجمالها و تاريخها..
    بل من منا من يصل إليها و قد غرق بجمال الطبيعة التي تحيط بها..
    و بالحسن الذي تحتويه في أطرافها و بين جنباتها…
    هي مكمن الجمال…فكيف إذا كانت كذلك بعين أمثالكم فهي تزدان و تزداد من الحسن أضعاف ..
    تحياتي لمرورك الكريم و بقاء عطرك الزكي…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.