كشفت شركة طيران الاتحاد عن جملة من المفاجآت (المفجعات) التي تعتبر تحولاً جديداً في عالم الطيران المدني.
حيث أظهرت مجموعة من الصور خلال مؤتمر عقدته من أجل هذا الأمر ثم عرضته في ملتقى دبي الدولي للسفر والسياحة, والتي تصور مقصورة (الإيوان) والتي تم تصميمها لطائراتها العملاقة من فئة الإيرباص A380, وتحتوي مقصورة الإيوان على سرير مزدوج في غرفة منفصلة, وغرفة معيشة مستقلة, وحمام خاص مجهز بشكل كامل, مع مضيف شخصي مرافق للمسافر طوال الرحلة؛ ويبلغ سعر التذكرة من دبي إلى مطار هيثرو (75 ألف درهم) (يابلاش).
انتهى الخبر وبقي التعليق:
ليس لي أن أعترض على من فتح الله له أبواب الرزق (فاللهم لا حسد) فأقف موجهاً كيف يستفيد من أمواله, وكيف يتصرف بها في حله وترحاله, ولكن لأن عقلي الصغير لا يتصور هذه الفخامة, ولا يتخيل هذا المبلغ الضخم فقد وقف حائراً ليحسب (بالحسابة) كيف لهذا المبلغ أن يكون مؤثراً في حياته, فهذا المبلغ الخاص بالرحلة (75ألف درهم) كما قرأت في تويتر لخط واحد (حط تحتها ألف خط) وليس لذهاب وعودة, مما يعني أن السعر للذهاب والعودة من الممكن أن يصل إلى 150ألف درهم أو أقل بقليل.
نعود للغة الأرقام, فمبلغ الذهاب فقط يعني أنه يوازي مبلغ آجار بيتي السابق لمدة خمس سنوات, أدفعها لصاحب العقار ممتناً عليه أن قبلت ببيته الغالي, وأعطيه إياه وكأنني متصدق عليه أن قبلت السكن في مسكنه المترامي.
وكذلك فإن مبلغ تلك الشقة الفارهة المعلق بين السماء والأرض يعني مايوازي راتب عشر شهور من أول (مبروط) محسوب بشكل (مزبوط) من راتب وظيفتي الموقرة, بمعنى مايزيد عن(300يوم) عمل بلا كلل وتحت مدير يتلذذ بترقب مواطن الزلل, ويفرح بالخلل, ويتلذذ بتتبع العلل, وعذراً فالحديث في الماضي من نقص العقل.
وأن سعر تلك الغرفة وملحقاتها أكثر من مهر زوجتي الذي دفعته لها وكأنني حين دفعته كشهبندر التجار في غناه, أو كعنترة بن شداد في حبه و وفاه, أو كأنني حاتم الطائي بجوده وكرمه, بل كأنني دفعت إليها الدنيا بأسرها, وآه ثم آه لو تعلم بأن مهرها أقل من سعر تذكرة ذهاب بلا عودة, فمن المحتمل أن تذهب إلى أهلها بلا عودة أو أن تعود ولكن برسوم وشروط.
يا أيها الناس أكرر لست ممن يحرم على من أعطاه الله النعم أن يتنعم, ولكن الذي يظهر لي أن الطبقية في الحياة بدأت تتضخم حتى وصلت إلى السماء , وأن الفارق المادي بدأ يمتد بشكل لا يمكن أن يتصور, وأقول قد أعذر من أنذر, فلا تلوموا أصحاب درجة (الضيافة) إن وجدتموهم يتلصصون على أصحاب (الإيوان) لينظروا كيف يعيشون؟ وكيف يأكلون؟ وكيف ينامون؟ وماذا يلبسون؟
ولا تستغربوا إن وجدتم (طفلاً أشهب) من أفراد عائلة (الضيافة) يقرع (جرس) بيت (الايوان) ثم يلوذ بالفرار.
ولا تستغربوا نظرات (الشزر مزر) من سكان حي (الإيوان) لجيرانهم من سكان (ذيل الطائرة), بل يرون أنهم (أيتها حاقة) بل (حاجة مقرفة فوق العادة).
ولا تستغربون إن قام المتواضع منهم فزاروكم في ممراتكم الضيقة, ومقاعدكم البالية, ومطاعمكم الباردة, وذلك من أجل أن يتصدقوا عليكم بالنظر إليهم, ومن أجل أن يتكرموا إحساناً منهم أن ترونهم على طبيعتهم, أو يعتبرون تلك الخطوة فيها حسنة ودفع بلية, لأن كل كبد رطبة فيها حسنة.
ولا تستغربوا إن خرجوا من أبواب شققهم الفارهة ورؤوسهم تتقاطر عطراً, فهم للتو قد استحموا في حماماتهم الخاصة, وتنعموا بموجوداتها المتعددة, واستمتعوا أن صنعوا في أنفسهم درجة من الكِبر خفية؛ قد لا يرونها لأنها تدب في القلب كدب النملة على حجر صلداء سوداء في ليلة شديدة الظلمة.
ولا تستنكروا إن سمعتم شخيراً وصفيراً مستطيراً فنومتهم عميقة كنومة أصحاب الكهف ولكن بدون كلب, فلا يوجد من يكدر عليهم أو يضايقهم أو يشغلهم كحال من يسكن في أزقة الطائرة, حيث يناديه صاحبه الذي بجانبه كل حين بقوله (بليس ممكن تقوم من كرسيك بروح للحمام) فترد عليه في داخل نفسك (طس طاربك أبليس) ثم تتبسم بطعم الليمون.
في الختام : هل يتحول الطيران إلى صنفين صنف مصمم كقصور فاخرة مفروشة خاصة بعلية القوم, وصنف آخر عبارة عن مجالس عربية (كالمطاعم الشعبية) للأغلبية المغلوبة على أمرها, وذلك بدأ يظهر من ارتفاع خدمات بعض الطيران لدرجة الجنون, وانخفاض مستوى الخدمة في الطيران الاقتصادي لدرجة أن الراكب يعتقد أنهم عليه يتصدقون.
ودمتم في إيوانكم متنعمين.
على العموم مقدماً (الإيوان لا يفسد للود قضية, أهم شيء الأخلاق)