في ردهات المعرض لقاء مميز مع الأستاذ عبدالله المغلوث والأستاذ عبدالله الجمعة


المغلوث

• المكان : رائحة قهوة ..عطر كتب..و عبير قلوب الحضور..وبسمة طفل عابر..وخجل معجب قادم..وشيخ مسن يتكأ على عصاه ليقطف آخر ثمار مطابع الكتب..ونور علم يضيء ردهات المعرض..هنا وفي هذا المحيط كان اللقاء..

• الوقت : يمضي بسرعة كدقات قلب حبيب يخشى فراق محبه..عقارب الساعة لدغتني على حين غرة فمارست دور الثواني عندما توسلت لها فقط أن تتوقف هذه المرة..كل شيء متسارع في تلك الزاوية..فكأنها تقول على رويدك لست وحدك من يريد أن ينهل من عبيرهم..ولست وحدك من يريد أن يستزيد من رحيقهم.

• الحضور في الجلسة : قامات التميز في معرض الكتاب لهذه السنة, وهامات التفرد على طول السنين في قلوب عشاق الكلمة الراقية, والحرف الناعم, والنغم المنفرد على وتر الحب والعلم والإيجابية.
لقائي مع الأعزاء..الأستاذ:عبدالله أحمد المغلوث صاحب القلب النقي.

@Almaghlooth
وتوأمه في الطيبة والصفاء الأستاذ/ عبدالله صالح الجمعة.

AAlJumah@
• عبدالله المغلوث : طرح هذه السنة كتاب “إنترنتيون سعوديون” و الكتاب الثاني بعنوان: “7:46”
وعبدالله الجمعة : طرح كتابه : “حكايا سعودي في أوربا”
ومن بداية المعرض وكتب الأساتذة تتربع على قمة الأكثر مبيعاً في معرض الكتاب.

• يقول المثل صيني : إن أريج الزهور يلتصق دائماً باليد التي تقدمها. وهذا الذي أسعى إليه ألا أستأثر بباقة اللقاء لوحدي بل سوف أقتسمها مع كل المحبين, وأقدم مختصراً عما دار في اللقاء لعلها تصل لقلوبكم كما وصلتني فنزلت غيثاً, وعطراً, وسلاما..أصوغها كما أدركها عقلي, وأنظمها كما أحبها قلبي, فلا تحملوا الأساتذة سوء فهمي. هذا إن استطاعت حروفي الوصول لفكر صحبي.

• يقول لاو تزو: الكلمات ستكسبك الشرف في السوق , ولكن الأعمال الطيبة ستكسبك أصدقاء بين البشر ” فعندما ينزل الكاتب من بين السطور ويصطدم بالواقع المحيط يتبين خلالها من يؤمن بالكلمة ومن يرسم الكلمة فقط. هنا في هذا اللقاء علمت أن علينا أن نغلف قناعاتنا بشكل أنيق بكتاب ونؤمن به بشكل صادق, ثم يتبقى الحب هو المرسول الذي يتواصل مع القلوب.

• علمت أن أكبر دار نشر لن تحقق لك أرقاماً قياسية مالم تعمل أنت بنفسك بشكل قياسي, وعلمت أن دار النشر والتوزيع لا توزع الحب بين الناس على الكتاب بل نبضات الكاتب هي التي تخفق فيخفق لها قلوب المتابعين.

• يقول روبرت شومان :” هناك شيئان شديدا الصعوبة في العالم : أحدهما أن يصنع المرء اسماً لنفسه , والآخر أن يحافظ على هذا الاسم” وعلمت من الأساتذة أن حفلة النجاح يجب نستمتع بها بالكامل يقول لوغان بيرسول سميث :”هناك شيئان يجب أن تصبو إليهما في الحياة: الحصول على ما تريد، وبعد ذلك التمتع به، ولا يتوصل إلى الهدف الثاني إلا أكثر الناس حكمة”. ولكن لنعلم ألا تقعدنا أفراحنا عن العمل الدؤوب لحصد نجاحات أخرى أكثر تميزاً, كذلك لنحذر من غرور قمة النجاح فخلفها قاع مخيف قد نقع في شباكه.

• عن بوكوتا “سوف تكتشف الأخطاء المطبعية بعد تغليف النسخة الأخيرة وإرسالها بالبريد” وعلمت من الأساتذة أن المراجعة المستديمة لكافة تفاصيل الحياة تجعل المرء يرتقي في حياته, وعلمت أن الخطاء صديق إن أحسنا التعامل معه وتقبلناه بصدر رحب ولم ننفر منه, فهو كدليل يقودنا لتصحيح حياتنا. الكثير من الناس يقرأون ويحفظون النصوص ولديهم من العلم الكثير والقليل منهم من يؤلف ..فقط من يؤلف هو من لديه جرأة أكثر من غيره على أن يقدم نفسه بدون تردد يقول جواهر لال نهرو:”غالبا ما يكون النجاح حليف هؤلاء الذين يعملون بجرأة , ونادراً مايكون حليف أولئك المترددين الذين يتهيبون المواقف ونتائجها”

• علمت أن رضى الناس غاية تدرك.. متى ما تعاملنا معهم بشكل غاية بالروعة كلاً بحسب ميولهم.. ومايهوى..ومايحب.. وأن رضاهم تكمن بأشياء بسيطة ولكنها مهمة ملهمة.. رضاهم قد يكون.. ببسمة.. بنظرة .. بنبضة.. بكلمة.. بالتغافل عن زلة.. بالتنفيس عن هموم مختزلة.. بسماع شكوى.. بمبادرة لم تكن متوقعة.. نعم إن رضى الناس غاية تدرك لدى من وهبه الله إدراك غاية الناس من حوله وعمل من أجلها. قيل لبعض الحكماء: أيُ شيءٍ من أفعال الخلق أشبه بأعمال الخالق؟ قال: الإحسان إلى الناس.

• وعلمت أن التواضع ليس أوتار نعزفها فُنطرب بها.. وليست قصة نحكيها فنُمتع بجمالها.. وليست مسرحية نحفظها فيصفق الجمهور طرباً لتمثيلها. التواضع فهمته من أفعالهم أنه نزول لمن هم في أول درجات الحياة فيأخذونهم معهم ليستمتعوا بإطلالة رائعة من شرفة المجد, التواضع أن تضع كتفك بكتف “المبتدئ” وتقول له أنت “الخبر”, التواضع أن تكون معهم بكامل مشاعرك.. فتنساب منك المشاعر الصادقة إليهم كما ينساب الماء من فيّ السقاء, التواضع أن تندهش لكلمة يقولها صاحبك وأنت قد سمعتها مراراً من قبل هذا, التواضع أن تصغر نفسك عندما تكبر في نفوس الآخرين.. وترفع نفوس الآخرين عندما تحس أن هناك من يصغرهم.

• تعلمت من تأمل الأساتذة أن الإيثار خصلة كريمة وأجمل منها أن تخفي ماتنفق منها بالسر عن العلن, أن تضع بيد صديق وردة وبيدك بقايا من عطرها و وخزة من شوكها وذكريات من حبيبة قدمتها لك, أن تستغني عن مظلتك والسماء ملبدة بالغيوم, أن تبتسم في حفلة عزيز وقلبك مليء بهموم محزنة, أن تسكب الدمع دعاء وتضرعاً بأن يغفر الله له على إنسان قد أصابك الضرر منه, أن تهدي خطط نجاح يفوق نجاحك لأنسان ينافسك. الإيثار أن تضع قلبك خوفاً على إنسان قد تجاهل أمرك.

• تعلمت منهم أن الثقة التي ينعمون بها أنها نتاج حب.. يقول طاغور: “الثقة ثروة تأتي من وفرة الحب”…نعم إنه الحب الحقيقي الدافئ .. الحب الصافي.. الحب الخالص.. فالحب المجمد ليس له طعم ولا رائحة, الحب يحتاج مشاعر دافئة وعواطف فياضة ليقدم طازجاً تشتهيه الأنفس الجائعة, الذي يقدم الحب بكلماته فقط ولم ينطق به قلبه كقارورة عطر فاخرة ولكنها فارغة..

• علمت منهم فعلاً ماذا يقصد مارك توين عندما قال: “أستطيع أن أعيش شهرين كاملين على كلمة إطراء طيبة” فكلمات الثناء التي كانت تُنتظر من المعجبين كان الأساتذة أهل المبادرة بها, كان الأساتذة هم من ينثرها على الصفحة الأولى من كتبهم عند التوقيع لهم.. يهتمون أن يكتبوا الاسم الأول والعائلة بشكل جميل وواضح ثم يودعون تلك الأسماء في قلوبهم قبل أن يرسموها على كتبهم.. إنهم يستجيبون لطلباتهم , يبتسمون لبسماتهم. لقد كان المعجب ينتظر توقيع الكاتب بحبر على ورق.. فيفاجئ أنهم يعطون أكثر..فهم يفيضون حباً لا ينقطع ؛ أعلم أن الأساتذة يجنون ثمار غرسهم في نهاية يومهم فهم يستطعمون لذة تلك البسمات, وينسجون قصص الفخر أنهم رسموا ألوان السعادة على تلك القسمات..أعلم كذلك أن المعجب نام ليلته تلك وهو يحتضن كتاب الكاتب الذي لم يخيب ظنه فكان واقعه أجمل بكثير مما كان يظنه..

• هيقول يرمان ألتيس سفير أمريكي: “لا يكفي أن تتوفر لديك عناصر نجاح اللعبة، ولكن يتعين عليك أيضاً أن تعرف كيف تلعبها” لذا تعلمت من الأساتذة أن انتهاز الفرص واستغلال السوانح هي من أهم الخطوات للوصول للقمة, فقرار إنزال الكتب في هذا الوقت جعل سهمهما مرتفعاً في هذه التظاهرة الثقافية, وليس ذلك فحسب بل إن صناعة الاسم بمتج سابق مبهر, وتفاعل مع القراء دائم موفق, وتواصل عبر التقنية الحديثة متميز مبني على احترام متبادل يجعل الفئة التي تتناغم مع أفكارك وأهدافك تنجذب بسهولة وليونة وحب جارف عندما يجدون نتاجك بين أيديهم لأن بهم لك من الشوق والعطش الشيء الكثير , بل تعلمت منهما أن لك هدف ومبادئ, ومن يؤمن بأهدافه ومبادئه فيجب عليه أن يخرج من الظل للشمس, وعليه أن يخرج من صندوق النفس إلى صندوق الحياة الواسع النفيس, عليه أن يفتح النوافذ لتدخل أشعة الحياة إليه ويُسمع صوته لمن خارج غرفته الخاصة, وعليه أن يعمل لهما بدون كلل أو ملل, وأن يستغل مواسم الخير ليسوق لهما, يقول اللورد توماس: “العقول كمظلات الطيارين، لا تنفع حتى تُفتح”. وأقول لن ينفع فتحها إذ لم نحلق بها.

• تعلمت من الأساتذة أن مواقف الحياة تبين من (يحاكي) الحكمة ممن (يحكي) الحكمة فقط.. فحدث خلال اللقاء خطأ من إدارة المعرض على الأساتذة ولكن لأن النظرة عالية والفهم واسع والأدراك تجاوز الأفق, فإنهما لم يعترضا, ولم يعارضا, بل تقدما بحكمة وتجاوزا خطأ المنظم لمصلحة المنظمة, وتجاوزا مصالحهم الشخصية برغم أن الخطأ كان أمام الجمهور عامة ولكن من باب أن الجمهور يستحق أن يقدر حتى في تصرفاتنا وفي انفعالاتنا وحتى في خلافنا واختلافنا مع الطرف الآخر, أستجابا للنظام البيروقراطي بكل أريحية, ولم يعكرا جمال تلك الجموع الطيبة التي حضرت احتفاءً واحتفالاً بالأساتذة, بل ودعوهم ببسمات واستقبلوا أمر اللجنة المنظمة ببسمات مماثلة بل أكثر إشراقاً برغم الخلاف معهم, فعلاً إن الحكم متى ما تزين بها المرء وشحت القلب بوشاح الحب والصفاء للجميع.

• يقول أرسطو: عقول الرجال تحت سن أقلامهم. في المقابل علمت من الأساتذة أن عقولنا يجب ألا نخاف محتواها أو نخشى من عرضها على العالم , عقولنا ننشرها تحت شمس النقد للنعم بنضج أفضل لأفكارنا, نعود لجادة الصواب عندما نعلم بخطأ الفكر, نبني مع الآخرين مجتمعاً أفضل, عقولنا لبنة من لبناته تتكامل مع عقول الآخرين, ولكن يجب أن نحفظ حقوق أنفسنا بالعمل الدائم ببنائها والتطوير المستمر لواقعها والسعي الحثيث لتطبيق مبادئها على أرض الواقع, يقول سعد البواردي: “حين يصيبك الملل من القلم فأنت غير جدير بحمله، وحين يملُك القلم فأنت غير مؤتمن على رسالته”

• في الختام يقال أن المويسيقار العبقري هو الذي بعد أن ينتهي من العزف يجعلك تحس أن السكوت بعد ذلك له نغم” كذلك اللقاء الممتع هو الذي يبقى في مخيلتك حتى بعد أن تفترقا, هو الأحساس بالجهل هل الذي تحمله في صدرك قلبك أم قلبه, اللقاء الجميل هو الذي يجلك تبتسم فجأة و تتذكر لحظة وتتنهد فترة, اللقاء الجميل هو الذي تحس فيه أن هناك شيء تغير في حياتك بعده, وتحس أن تريد أن تقبل العالم أجمعه.

• مع كل الحب والتقدير للأساتذة عبدالله المغلوث وعبدالله الجمعة على منحي شرف اللقاء بهم برغم مشاغلهم.

عن سليمان الصقير

محب للسفر والترحال : مؤلفاتي : 1- 800 خطوة لرحلة سياحية ممتعة 2- 150 طريقة ليصل برك بأمك 3- أمي أنتِ جنتي 4- بنيتي لكِ حبي 5- مذكرات مدمن إنترنت

شاهد أيضاً

عابرون و “بأثر”

أختنا لفاضلة عالية كتبت ذات مرة عن الأثر بحروف ساحرة تمر و تزرع الأثر و …

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.