غابت شمس (أمي العظيمة) عليها رحمة الله
في يوم السبت :24/11/1440
غابت شمس الكون ..
و انطفأ سراج الحياة ..
لقد ماتت أمي (نورة بنت إبراهيم بن منصور الوهيبي) عليها رحمة الله, وبموتها فقدت أجمل كلمة في الكون (يمه), وبدأت رحلة (الترحم) والتي تنزع من قلبي شيئاً من أوردته.
في هذه التدوينة: أقص عليكم أحسن القصص من حياتها والتي أعرضها أول مرة, لعلها تكون للكون عبره, ولكل من يبتغي حياة النقاء والسعادة في الدنيا أن يتخذها منهجاً وطريقة.
فبسم الله الرحمن الرحيم
- عاشت الطفلة الصغيرة (نورة) كل طفولتها تراقب ذلك الرجل الغريب الذي يدخل بيتهم كل حين بدون إذن, يغيب عنهم فترة من الزمن ثم يعود إليهم بعد أن يجمع كل أحزان العالم على تقاسيم وجهه ؛ كالمعتاد في مدخل البيت يتوقف الرجل شيئاً قليلاً لينظر إلى هذه الطفلة (نورة) والتي يحس أنه لا يوجد في الكون قلباً أكثر حزناً من حزنها ولا ألماً يوازي ألمها, فيتقطع قلبه حسرة عليها وعلى حزنها المتراكم وعلى جرعة الحزن الجديدة التي سوف تتذوق مرارتها بعد لحظات,.. يمضي سريعاً بعد أن يتمتم بالدعاء لها؛ فينادي بأعلى صوته لأهل الدار (أين الجنازة التي تريدون أن نغسلها) فيعلوا صياحهم كل صوت.
- حصد الموت من بيت الطفلة (نورة) (ثمانة) قلوب من أعز القلوب على نفسها, وكل مرة تقول في قرارة نفسها لعل زائر الموت يغيب عنا وقتاً طويلاً لنعيش زمناً هنيئاً مع أعز الناس علينا, ولكن هيهات أن يتوقف هدير الموت عن ذلك البيت.
- غيب الموت أطيافاً وألواناً من حياتها فأصبحت حياتها بلا ألوان إلا لون الموت, وقطف أنواعاً من أجمل زهور عمرها فكان قلبها الصغير حديقة مجدبة من النباتات إلا نبتت الهلع والخوف, أخذ (خمسة) من الأخوة والأخوات من بين يديها بغمضة عين, ففقدت الطفلة (نورة) قطعاً من حياتها وأنفاساً من أنفاسها, ثم زار الموت جدتها فجف منبع الحنان لروحها وسند الحياة لأمها, وكانت آخر زيارات الموت مع عمود البيت (الأب) فكانت الطامة الكبرى, والنازلة العظمى, والسكين التي نحرت أنفاس الحياة المطمئنة, فهرعت تحتمي بظهر أمها ونور عينها, تتشبث بها ولا تفارقها خوفاً من هذا الزائر, وهذا الزائر لا يذهب بعيداً, فقد إعتاد أن يستند على جدار بيتهم ينتظر خبراً عنه, ليكرر الزيارة إليهم من جديد.
- كان من لوازم بيتهم التي لا يفقدونها الحنوط والكفن وشيئاً من سدر قليل, وكانت كلمات العزاء ترد على مسامعهم فلا تكويهم بل تقويهم,؛ لأن ماعند الله خير وأبقى, كان اليقين والصبر والإيمان بالقضاء ليس مايقرؤون بل ما يعيشونه تلك الأسرة في لحظاتها, كان كلما أشتد عليهم الخطب استعانوا بسورة العصر.
- في ليلة ظلماء حالكة السواد, وفي زاوية من بيت عشش فيه الحزن, تبدأ قصة من قصص الحزن المتجددة, حيث يرقد جسماً قد أنهكه المرض ويتألم من قسوة الحياة, يدور في فلك ذلك الجسد الخاوي ثلاثة أطفال ينظرون إليه وليس في أيديهم سوى أن يكرروا عليها سورة الفاتحة, والفاتحة خير وبركة, والتي هي وصية الشيخ عندما زارهم في وقت الغروب حيث قال: عليكم بالفاتحة لأن (أمكم) مصابة (بعين) فهي متعبة وعليكم بالرقية بالفتاحة.
- مع انبلاج الفجر, انخفض أنين (الأم), واشتد كل ساق بساق, وارتخت أطرافها, وغارت عيونها, والأطفال يعتقدون أنها غطت في سبات عميق, ولكن كان نوماً أعمق مما يتصورون, وصفحة جديدة في صفحات الأحزان تعدل كل ماسبقها بل تزيد, لقد ماتت (أمهم) عليها رحمة الله, وبدأت حياة جديدة أخرى من الهموم لكن بطعم أمر وأشد وأقسى, لقد سكن الهم والحزن والكرب قلوب هاتيك الأطفال الصغار بل اتخذه موطناً له يغيب عن قلوبهم برهه ليتجول بين الناس ثم يعود إليهم من جديد, اتخذ قلوبهم الصغيرة مسرحاً يستعرض فيها فواجعه.
- الطفلة الصغيرة (نورة) شابت في يوم واحد بالرغم أن عمرها عندما ماتت أمها (ثلاثة عشر) سنة فقط, ومن تحتها أختها (موضي) ثم صغيرتهم (رقية), فهذه أسرتهم الصغيرة في السن والعدد, العظيمة في التوكل واليقين والإعتماد على الله الكريم العظيم.
- العم (محمد بن منصور الوهيبي) رحمه الله كان سند العائلة, وعم البنات , وصاحب الطيب والكرم والأخلاق العالية, ومنبع العطف والحنان والقلب الرؤوم, رفض أن تبقى البنيات لوحدهن في بيتهن, ولكن كانت رغبة الطفلة(نورة) وأخواتها أن الحياة كل الحياة في أطرف بيت أمها وأبيها, وبين ذكرياتهم, وتحت رحمة رب الأرض والسماوات, لكن هذا الحل لم يطمئن قلب الشيخ الكبير ذو العطف العظيم, في المقابل لا يريد أن يكسر رغبتهم ويحرمهم شذى والديهم, فكان الحل وسطاً يحفظ للعم الكريم كرمه وللولي الأصيل فضله؛ بأن يحضرن للمبيت عند العم في بيته فقط, ثم يعدن للبيت في الصباح يتغذين من رحيق رائحة والديهم الفواحة في أرجاء البيت.
- في كل صباح تعود الفتيات للبيت, تبدأ رحلة الذكريات بين البنيات الثلاث, ويطوف بذاكرتهم كل أعمال الأم في تلك الأرجاء, فهذا موقد نارها, وتلك منظرتها التي تتزين بها, وذاك كحلها الذي يرسم جمال عينيها, وهناك كان الوالدين يجلسون في (ليوان) البيت بين بنياتهم, هذه الذكريات تجعل الفتاة الصغيرة (نورة) أكثر إصراراً أن تعوض أخواتها ألم الفقد, و وجع الفراق, و وحشة البعد, فكانت وهي في هذا العمر الصغير تقوم بأكثر من طاقتها, وتعيش بأكثر من دور من أدوار الحياة التي رسمت لمن في عمرها, فأحياناً تلعب كطفلة صغيرة معهم, ومرة أخرى تحفهم بنظرات الإشفاق والعطف كما كانت أمهم تفعل بهم, وأحياناً تفكر كيف تدبر لهم مطعم الغد, بل ملبس العيد ومدفئة الشتاء.
- كان الرزق ينصب عليهم صباً, ففي كل حين كان أهل البلد يتقاسمون لقمة العيش معهم, فمرات كثيرة يجدون طعام اليوم معلق على باب البيت الخشبي المتهالك, ومرات كثيرة كان أهل البلد يزورونهم ليطمئنوا عليهم وعلى حال تلك الفتيات الصغيرات في بيتهن.
- في وقت المساء وعندما يلمل الليل أشعة الشمس في جلبابه الأسود, تخرج تلك البنيات من بيتهن إلى بيت العم الكريم, والذي عوضهم الكثير من الفقد, وعلمهن العظيم من الحكم في كيفية مواجهة أمواج الحياة الصعبة, وكيف لا وهو الرحال فالأرض, الذي طاف أرجاء الأرض مع (الجماميل) من أجل طلب الرزق لأهله وأهل بيته.
- يأخذون معهم في المساء من بيتهم فقط (مقطع الصلاة) و (ماء الوضوء), فلله درهن ياله من زاد عظيم في مواجهة هذا البلاء الجسيم, تقول أمي (رحمها الله) لا بد أن أحمل فوق رأسي عندما اتجاهي إلى عمي (ماء الوضوء) لصلاة العشاء والفجر, فهذا أهم ماعندي, وألزم مايمكن حمله في رحلتي اليومية, أما المتبقي من المأكل فالعم عليه رحمة الله يزيد لنا بشيء يزيد على أهل بيته وأبنائه, تقول الوالدة رحمها: لقد عشنا أجمل مايمكن للمرء أن يحلم به في الحياة في كنف عمنا, وعوضنا بتلك السنوات البسيطة كل آلام السنين, فشربنا من كأس الحياة الصافية, و نبضت قلوبنا من جديد بعد أن اعتقدنا أنها قد جفت ونضبت.
- عندما بلغت أمي (نورة) رحمها الله سن الخامسة عشرة من عمرها, تقدم إليها والدي الكريم (حفظه الله) للزواج, فكانت في حيرة من أمرها, كيف تترك أخواتها, لوحدهن, وكيف تقدم على حياة جديدة لا تعلم أسرار عيشها, ولا أبجدياتها, كيف لها أن تقدم على هذه الخطوة وتتخذ قراراً وهي بلا سند من أم أو أب, ولكن كان فضل الله دائماً واسع, ونعمه عظيمه, وقفت الخالة (قوت بنت محمد الوهيبي) رحمها الله في هذا الموقف موقف الأم, وفي الضفة الأخرى وقف (العم محمد المنصور الوهيبي) وقفة الأب, فتم الزواج بأكمل حال.
- اليوم وهي تدخل بيت الزوجية تبدأ مرحلة جديدة من مراحل الحياة, عينها هنا على زوجها, وقلبها هناك على أخواتها, ولحظاتها نابضة بالأمل و راجفة من الخوف والوجل, لقد انقسم قلبها بغير إختيارها, وزاد الحمل على فكرها بدون أن يكون لديها خيار أخر, فسنة الحياة تتطلب منها أن تخطوا خطوة ضرورية إلى الأمام, فوجود الزوج الصالح من المؤكد أنه سيكون عوناً لكل أسرتها, و وجود إنسان فاضل مثل هذا المتقدم (والدي الكريم) سيجعلهم يعودون من جديد لدرب الحياة.
- في بيت الزوجية هناك حياة جديدة ومختلفة جداً عن سابقها, ففي البيت (جدتي أم أبي) رحمها الله و (عماتي) أخوات أبي حفظهن الله, وهذا الجو العائلي جعل قلبها يرتاح شيئاً قليلاً من بعد عنا الوحدة, وهذه الحياة الجديدة برغام أن فيها الكثير من العمل ولكن أجمل بكثير من حياتها السابقة.
- والدي (حفظه الله) كان يعمل في بلدة الزلفي, وبعد أن تزوج بأسابيع, قرر أن يعود لعمله, ليضمن العيش الهنيئ لأمه وأخواته وزوجته, فقال لزوجته (أمي رحمها الله) هل ترغبين بأن تسافرين معي للسكن في الزلفي فقالت: كيف أسافر وأترك (أمك) لوحدها, فقررت أن تمكث عند (جدتي) لترعاها, و لتقضي حوائجها, وتكون في خدمتها.
- كان (والدي الكريم) يمكث في بلدة الزلفي (ثلاث) سنوات لا يزور فيهن أهله, ثم يأتي أسابيع عدة ويلتقي بعائلته, ثم يعود من جديد.
- أمي (رحمها الله) وجدت في عماتي (فطيمة) و (منيرة) أنساً ومحبة وعالماً آخر من الأخوة والمحبة, فكانت العمة (فطيمة) هي التي بعمرها, وهي بمثابة أختها التي لم تلدها أمها, وهي هبة الله لها في هذه الحياة, كانت سنداً لها في سني عمرها, ومخزناً لأسرارها, ومصدراً لسعادتها, وذكرى لأجمل لحظات حياتها.
- لذا عندما تزوجت عمتي (فطيمة) انتقلت لمزارع الوادي في (العليا) فكانت أمي تذهب كل نهاية أسبوع مايزيد على(سبع كيلوات) من البدائع الوسطى إلى البدائع العليا مشياً على الأقدام لتقابلها في مزرعة أهل زوجها, كانت (أمي رحمها الله) تأخذ الزاد من جدتي (رحمها الله) وتذهب به إلى إبنتها في تلك المزرعة, كان طريقها شاق ولكن ليس أكثر مشقة من ألم الفراق, وكان بعد المسافة مضني ولكن تهونه لحظة اللقاء, وكان الحمل الذي فوق رأسها ثقيل ولكن أخف بكثير من الحمل الذي في صدرها.
- عندما تتقدم (أمي رحمها الله) إلى مزرعتهم تجد أن (العمة فطيمة) تنتظرها تحت نخيل المزرعة واقفة خائفة تترقب جهة الشرق فما أن يشرق نور وجه (أمي رحمها الله) حتى ينزل السرور على وجهها, ويزول كل الخوف والقلق من قلبها وتعانقها حتى تكاد أن لا تنفك منها, كأنما التقيا بعد أعوام من الفراق, هذا اللقاء يمر في غمضة عين, فلا الوقت أمهلهم أن يتذكرون كل لحظات حياتهم الجميلة الماضية, ولا الزمن أمهلهم يتشاكون لبعضهم عن متاعب الحياة الجديدة, وكلما تحرك قرص الشمس من المشرق للمغرب يكون مطلوباً من (أمي رحمها الله) أن تنزع نفسها من لحظات اللقاء وتعود بالوقت المناسب قبل أن يظلم الليل, حيث تكون عرضة للهوام, أو تفقد طريق العودة الصحيح للبيت, فتقرر بألم أن تختم زيارتها بضمة تجعلها زاد لها في أيامها القادمة ثم تعود إلى أدراجها, وتختفي شيئاً فشيئاً عن عين عمتي التي ترقبها ودعواتها لا تنفك لها.
- (والدي الكريم) عاد من الزلفي, وبدء العمل في (البدائع), فكان مطلوب من (أمي رحمها الله) أن تكون سنداً لزوجها في حياته الجديدة, وعوناً له في طلب الرزق, فكانت تستيقظ قبل الفجر, وتضرم النار في الحطب, لتصنع له طعام اليوم ليأخذه معه بعد الفجر, كانت صنع الطعام يأخذ جهدها حيث عليها أن تستيقظ قبل الفجر بأكثر من ساعة ليشتعل الحطب ومن ثم يكون جمراً مناسباً لعمل الطعام عليه, كان إشعال النار في الشتاء قاسياً, حيث يجلب من آخر الحوش المظلم, فيجمع فوق بعضه حتى يكون أطول من قامتها, فتدور عليها مع كل إتجاه وتحاول إشعاله بكل طريقة وهو رطب لا يستجيب لهذه الصغيرة قليلة الخبرة, فكأنما يتفنن بإيذائها,ولكنها برغم ذلك لا تيأس وتحاول, لأنها تريد دائماً أن تقف في المكان الذي يرضي ضميرها حيث تكون بقدر المسؤلية, حيث عودت نفسها أن تكون في العلياء والرفعة وفي الدرجة العالية مع كل من تحبهم وتعزهم.
- وفي ذات يوم وهي حامل في شهورها الأخيرة, وقد استيقظت قبل الفجر تصنع الطعام لزوجها المكافح, وتجمع الحطب لذلك وسط عتمة الليل, إذ بأحد الأعواد المدببة يستقر ببطنها ويجرح جسدها, فتتألم في الحوش لوحدها, وتذوق طعم الولادة قبل يومها, وصبرت حتى الصبح لتكتشف مالذي أصاب ذلك العود من بطنها, فإذا هو بجرح غائر جعل في جسدها وسماً دائم, وبرغم ذلك لم تخبر زوجها, وتحملته باقي حملها, حتى وضعت صغيرها.
- عندما يعود (والدي الكريم) من صلاة الفجر, يجد أن طعامه قد جهز وحفظ, فيذهب للمزارع للعمل حتى وقت المساء, أما هي فتبدأ رحلة العمل اليومية, حيث ثغاء البقرة في حوشها يكاد يسمعه كل أهل البلد, فتطعمها طعامها, وتنظف حوشها, وتستعد لخدمة بقية أهل البيت في باقي نهارها, وهي بهذا العمل سعيدة, وصابرة ومحتسبة, وهي بهذا العمل قد جمعت القلوب حولها.
- إنتقل والدي الكريم للعمل في مزارع البسامية في عنيزة ليعمل في (الدركتور) فكان يأخذ (أمي رحمها الله) معه للمزارع, فتأخذ أغرض الطبخ معها , ومستلزمات الشاي والقهوة بصحبتها, ثم تطبخ وجبته تحت شجر الأثل في عز الظهير, والشمس قد قامت بدورها أتم قيام واستوصت بهم خيراً, فأرسلت أشعتها المتعامدة على رأسها و رؤوس أطفالها الصغار بدقة, فكانت (أمي رحمها الله) تبرد علينا فترات وتدعوا لزوجها لحظات, هي على هذا الحال مشغولة بين طبخ, ومتابعة أبناء, وتتبع عمل زوجها بلا كلل أو ملل, مساندة له في لحظاته وكافة مراحل حياته, وكل الأمل أن لا تقصر معه في خطواته نحو الحياة التي يتمناها, وكل السعي أن تؤنسه في لحظاته.
- في جانب آخر تزوجت بقية أخوتها (موضي) والتي تزوجت (عمي محمد رحمه الله) وكذلك لحقت بها أختها (رقية), وفي تلك اللحظة أحست أنها قد أدت أمانتها, وحفظت ما وكل بها, وأعطت كل ماستطاعت لأخواتها, وكان كل سعادتها, أنها كانت قد مرت بتجربة الزواج, فنقلت لهن خبرتها, وكيفية إحترام الزوج وتقديره, وكيف التعامل معه وإسعاده, وكيف يعبرن ظروف الحياة المختلفة, كانت لهن في هذا الأمر أماً وموجهه, وأختاً وصديقة, و دليلاً في طرقات المتعرجة.
- في أيام العطلة كانت تستقبل (أمي رحمها الله) كافة أفراد الأسرة, وتسر بذلك, الأعمام, والعمات والخالات, وكل من له علاقة بهم, وكانت تستقبلهم في بيتها منذ بدء الأجازة قبل رمضان حتى تفتح أبواب المدارس من العام القادم, وكانت السعادة تغمرها أن كانت في ضيافة أهل زوجها وأهلها, وكان لا يسمع لها حساً, ولا يرى منها تصرفاً ينغص على الزائر زيارته, ولا تظهر تأففاً تجعل القادم يعجل بعودته, بل تستقبل وتبتسم, وتطبخ وتغسل, وتنظف وترتب لتسعد كل أطياف القادمين, بل إنها تجصص الأرض في المطبخ لينعم الجميع بأرض مناسبة للجلوس والعمل.
- كانت الحياة بسيطة, والسعادة تغمرها والفرحة لا تسعها, وعندما يقدم الليل يتم فرش الفرش لكافة الضيوف وسط الحوش, وذلك بعدما أن يتناولوا طعام العشاء قبل المغرب. أما وقت الظهيرة فيتم ترطيب الشراشف بالماء ليقلل من حر الصيف اللافح, وأما في رمضان فكان الفطور والسحور على قدم وساق لكل أفراد العائلة, وتقول :(أمي رحمها الله) لقد إجتمع في بيتي في زيارة واحدة خمسون من الأقارب, وهم على قلبي أحلى من الشهد.
- أما عندما تبدأ الدراسة فتبدأ رحلة جديدة من رحلات الحياة, (فأمي رحمها الله) لم تدخل المدارس من قبل, ولكن كانت تهتم بالتعليم وتحب ذلك لها ولأولادها, فكنا في مراحلنا الأبتدائية تتابعنا وتسأل عنا وتهتم بنا, وتودعنا كل صباح راجية الله أن يعلمنا ماينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا, فخرجت بفضل الله الدكتور وحامل الماجستير والمهندس والمدرس والقائد.
- كل ماسبق صبغ نفس (أمي رحمها الله) بصبغة عجيبة فريدة لم يكون لها شبيه, حيث كان طبعها السمت, وحديثها الهمس, وحياتها الصمت, وإن تحدثت أوجزت, وإن نصحت ألمحت, وإن استشيرت بالحكمة نطقت, لا يرتفع لها صوتاً من حولها حتى أنه كان يتسائل جيرانها مرات عدة عن البيت هل هو مسكون مأهول فيه أم تديره, لقد كان يسمع لها صوت خارج, ولا كلمة جارحة, ولا قول يحتمل أكثر من محمل, كانت ذات رأي سديد, وفكر عميق.
- كانت تحب الجميع فكأنما كانت تغرف الحب من نهر جاري, لا تعرف معنى الحسد, ولا تفهم أن يكره أحد أحد, ولا تتمنى أن يكون لها ماكتب لغيرها, ولا أن تنال مرتبة لم تسعى لها, كانت حياتها رضى, و عيشها قناعة, وتعاملها أدب جم, وخلقها التواضع, حتى أن لها حكمة في الحياة (إن لم تدس النفس داستك) بمعنى أن يجب أن لا تطيع نفسك ولا هواك.
- كانت مسامحة للجميع, غافرة بلا حدود, لا تحمل في قلبها أي ضغينة على أي فرد كان, ولا تشره على أي شخص قصر في حقها أو نال منها سواء كان قريباً أو بعيد, وكان التسامح طبعها, و لبست السماحة والتسامح طيل حياته.
- كان الحياء خلقها , حتى أن (أمي رحمها الله) كانت تستحي أن تتصل على من يعمل لدينا من العمال فتطلب منه طلب, فتقول رحمها الله: كيف آمر رجلاً أن ينفذ أمري, وإن حضر أجزلت له العطاء, وإن عاملتهم سألت عن أهلهم, واطمأنت عن حالهم, وتعرفت على إحتياجاتهم.
- كان الأقارب يتجهون إليها لصرف زكواتهم, وذلك لمعرفتهم بأنها قريبة من الفقراء والمساكين, مفرجة عن المكروبين, باحثه عن المعوزين, مهتمة لأمر الناس أجمعين, وأن هؤلاء يشكون لهم حالهم بعد الله كل حين, وكذلك لأنها تعرف أحوال أقاربها وأهلها, وذلك بوصلهم كل حين, والسؤال الدائم المستديم عنهم.
- كانت (أمي رحمها الله) تتمنى أن تعمل في (دار كبار السن) وذلك بسبب أنها لم تنل شرف خدمة والديها, فكانت تتمنى أن تحسن إليهم, وأن تنال الرفعة بخدمتهم, والفوز بالعطف عليهم, وكأنت هي الأمنية الأعظم في نفسها أن تعمل في تلك الدور.
- تحب (أمي رحمها الله) وصل رحمها بشكل لم أرى مثله, حيث تصل ليس من هو بعمرها أو أكبر منها, بل تصل من هم أصغر منها بعشرات السنين, تسأل عن حالهم, وتطمئن عليهم, وتتعرف على حوائجهم, لم يقف في طريقها يوماً ما أنها أكبر من قريبتها وأن الحق لها, بل تذهب سعيدة فرحة بأن نالت رضى ربها وكسبت وصل أهلها وأرضت أصحاب القبور ممن يعزون عليها, حريصة دائماً على أن يلتقي كل من يرتبط بها بقرابة, وأن تستضيف كل من لهم حق عليها وإن بعدت بينهم الصلة.
- وضعت في بيتها ثلاجة (فليزر) يتم ملئه بأفضل أنواع التمر كل صيف, وذلك لتوزيعه على من يعز عليها أو المحتاجين ممن حولها, كان التوزيع الذي نعرفه عظيم, والذي لا نعرفه أو نعرفه بالصدفة أعظم, كانت تحب حفظ النعمة بشكل عجيب, ولا ترضى أن يرمى شيء في (الزبالة) حتى أن عند بابها صندوق دائم للمتبقي من الطعام, وكانت تحفظ علب المعلبات البلاستيكية حتى يستفاد منها مرة أخرى بأعمال خيرية, وتغسل الملاعق البلاستيكية خشية منها أن هذا إهدار وإسراف لا يرضاه رب العالمين.
- كان حياتها القرآن الكريم, فكانت تعيش في رحاب القرآن ومع القرآن وبين أصوات القراء, كانت (أمي رحمها الله) قد سجلت في حلقة تحفيظ القرآن الكريم قبل مايزيد من عشرين سنة, وبرنامجها اليومي أن تستيقظ الضحى وتؤدي سنتها, ثم تأكل علاجها وتبدأ بحفظ متطلبها اليومي من القرآن الكريم من قبل الظهر حتى قبل صلاة العصر, ثم تذهب العصر بالكامل للحلقة وتلتقي بصحبها من أهل القرآن والذين هم أعز الناس عليها, وعندما تعود في المساء تجلس معنا المغرب لنأنس بها رحمها الله ونتلذذ بعذب حديثها, وبعد العشاء تبدأ مرة أخرى بمراجعة حفظها حتى الساعة الحادية عشر من الليل.
- كان صوتها بالقرآن الكريم حزين, فكأن سنوات الطفولة صبغت صوتها بصوت لم أسمع قط مثله, كان القرآن الكريم عليها شاق وتتعتع به, ولكن لا تقف أو تمل من المحاولة, حفظت جزء تبارك وجزء عم والبقرة, بالرغم أنها أميه لا تقرأ, ولكن من العجيب أن تلك السور تقرأها وتتهجاها بصورة صحيحة من كثرة سماع الأشرطة وتتبع الآيات.
- كثيراً مكنت أدخل عليها وأسمع أنينها وترديدها لسور الحفظ مع الشيخ الحذيفي يعيد فتعيد من خلفه, قلبها معلق بالقرآن الكريم, وعينها على المصحف الشريف, وسمعها يستمتع بصوت القاريء.
- ختمت قبل رمضان سورة البقرة, وفرحت بأن أتممتها , وأن حققت أمنيتها, وأن نالت شرف حفظها, وفي هذه العطلة قررت أن تراجعها مع دار التحفيظ حتى تجود حفظها, وكان يوم السبت والذي وافق يوم منيتها هو يوم إختبار المراجعة لسورة البقرة, فنسأل الله أن يجعلها من الحفظة البررة.
- في رمضان حياة أخرى من الطاعة, فهي تستيقظ ضحى وتؤدي سنتها, ثم تستمر بقراءة حفظها, أو بالأذكار وهي مستلقية, حتى تحين آخر ساعة من يوم صيامها فتخصصه للدعاء , وتقول دائماً عليها رحمة الله (كنت أنسى نفسي عند الدعاء لكم) , من بعد المغرب مباشرة تذهب للمسجد لصلاة التراويح وتبكر في ذلك من أجل أن تتفرغ للعبادة, وتحرص أن تضع الكراسي لكبيرات السن اللاتي لا يستطعن الحضور بشكل مبكر, ومن بعد صلاة التراويح تذهب لترتاح بعض الشيء, أما في العشر الأواخر من رمضان فهي تحضر من الساعة الثانية عشر لقيام الليل حتى قبل الفجر, فلا يثنيها عن ذلك مرضاً ألم بها, أو عمراً تقدم بها, وكانت تحرص بالصلاة خلف الشيخ محمد بن صالح السحيباني رحمه الله, ولم تفارق الصلاة معه طوال حياتها حتى توفاه الله.
- وكان صيام الأثنين والخميس منهاجاً لا تحيد عنه برغم أن داء السكري يحاول أن يثنيها عن الصيام, ولكن لا أمل فقد مل السكري من عزمها على المحافظة على سنة الصيام, فهي لا تستجيب له بل بالله تستعين وعليه تتوكل, وفي ذو الحجة تصوم العشر الأوائل منه,كانت قبل أيام عليها رحمة الله تسأل عن أول يوم من الصيام لهذا السنة, وتحرص أن تختم عشر ذو الحجة في المدينة المنورة, كتب الله نيتها, وتقبل الله الصالحات منها.
- تحرص (أمي رحمها الله) على العمرة كل فترة, فتقريباً قد تعتمر في السنة من ثلاث إلى أربع مرات, وقد اعتمرت قبل وفاتها رحمها الله بعشرين يوماً , ودائماً تقول أتمنى أن أشبع نفسي وقلبي من منظر الكعبة الشريفة.
- دائماً تحرص أن تلبي دعوات الداعين, وتستجيب لمن يهمهم حضورها, وتسعى أن ترضي كل من يتواصل معها, فهي آية في العلاقات الإجتماعية, برغم أنها بعدما كبرت بدء السن يحول بعض الشيء بينها وبين الاستجابة للدعوات و لكن تجاهد ما استطاعت أن تلبي الدعوة.
- تحب أهل الخير, وتحب مجالسهم, وتتقرب منهم, وتسعى إليهم, وتطيل الدعاء لهم, وتكره مجالس الغيبة والنميمة والقيل والقال, حتى أنها عليها رحمة الله تقول: أنني لا أستطيع النوم ليلاً من ألم في بطني إن اغتاب أحد آخر عندي فكأني قد أكلت لحم بشر.
- تقول (أمي رحمها الله) دائماً أنني أحب أصدقائكم, فهم منكم وكل الذي منكم لدي محبوب, وكل الذين تحبون فإنهم لدي مقربون.
- كانت (أمي رحمها الله) قريبة من بناتها, لها قدرة عجيبة على أن تكسر حاجز الأجيال, فتنزل للصغيرات, وتصعد للذين هم أعلى مرتبة بنسق يدل على ذكاء, وكان من حكمتها أن تعرف كيف تتعامل مع كل صاحب طبع بطبعه, فليس كل أولادها يتم معاملتهم بنفس الطريقة, بل تبحث عن أفضل الطرق إلى قلوبهم وتسلكه, وأسهل الطرق إلى عقولهم وتنتهجه, وتبحث عن كل ما نعشقه فتقدمه.
- مقلة الذهاب للأسواق وإن ذهبت رجعت بشيء بسيط لا يكاد يذكر, فهي ليست ولاجة ولا خرجة, ولا تحب أن تجتمع أو تخرج لغير حاجة, أنسها رحمها الله كان في بيتها, وسعادتها في حلق القرآن التي تداوم على الحضور بها, وسعادتها في الإلتقاء بأولادها, وإنشغالا بالذكر أو العمل بالبيت.
- لديها صندوق في البيت وضعت فيه مالذ وطاب للأطفال, فعندما يحضر أحفاده فهم يتجهون مباشرة لهذا الصندوق المليء بمالذ وطاب مما يأكله الأطفال, فبنت بينهم علاقة وطيدة, واستطاعت أن تتقرب من قلوبهم وهم في أعمار صغيرة, يبحثون عن رضاها, ويقبلون كلامها وتوجيهها. وكذلك تحمل في حقيبتها اليدوية بعض الحلوى والتي تستفيد منه لتفريح طفل في مكان عام أو مستشفى أو مصلى, أو إسكات طفل خائف.
- بنت (أمي رحمها الله) بين الجميع جسور وطيدة من الحب, فكل من حولها يحبها ويعتبرها أماً لهم أو أخت كبيرة بينهم, أو صاحبة فضل, فالكل من زوجات الأب, والخالات, والعمات, وبنات وأبناء الزوج, كلهم تعتبرهم أن الوصال معهم واجب وأن التواصل بين الأسرة الواحدة هو سبب قوتها واستدامتها.
- كانت دائماً ماتوصينا بوالدي الكريم خيراً حتى أنها تقدم حقه على حقها, وتفضل أن نقدم مجالسته على مجالستها ولأنس بها, وأن ننفذ أمره قبل أمرها, ونسعى بخدمته قبل خدمتها, وكانت تحض التواصل مع كافة أخوتي وأخواتي بدون تفريق, وأن نكون أسرة واحدة بدون تمييز, وأن (ندحر الشيطان) كما تعبر دائماً عن الشقاق والاختلاف.
- لا يمكن أن تطلب طلباً منا إلا أن تقدم له بإعتذار واستئذان ورجاء, حتى وإن كان الطلب بسيط والأمر لا يستحق أن تتقدم له بالرجاء, كل ذلك تكرره كل مرة برغم أننا نكرر و نلح عليها أن هذا واجب عليها اتجاهها بالأمر الكبير وليس في مالا يستحق من صغائر الأمور, ولكن هيهات أن تستجيب, فسبحان الذي أعلى خلقها, وجملها بأجمل الأخلاق.
- كانت ترفع أولادها للعلياء منذ أن يرتفعوا بعض الشيء, فلا ترضى أن تركب مع والدي حفظه الله في مقدمة السيارة, بل تركب في الخلف وتجعل إبنها في المقدمة, وعندما كبرنا ورفضنا ذلك تتقدم بخجل وتستمر طوال الطريق وهي تقدم الاعتذار تلو الاعتذار جراء أن جعلت فلذة كبدها في مقعد خلفها.
- لقد ربت بيننا وفي المجتمع الذي تعيش فيه الحب, ونشرت التسامح, وسطرت أجمل التضحيات, ورسمت أجمل صورة من صور المربية الفاضلة, والأم الحنونة, والزوجة الحكيمة.
- لقد إنتقلت (أمي رحمها الله) إلى ربها, وقدم المعزون للتعزية بها من كل مكان,وقدم العزاء لها من أكثر من عشرين دوله, ونظم الشعر بها, وطرزت الكلمات عنها, وقيل الكثير ولكن أكثر ماقيل أنها كانت بمقام الأم للجميع, وجلهم يقول ثقة بالله الرحمن الرحيم أنها في خير, فلله الحمد على فضله وأمره وقضائه خيره وشره.
- جعل الله الفردوس الأعلى منزلتك يا أم خالد, وأسكنك فسيح جناته, وجعل قبرك روضة من رياض الجنة, وكتب الله أجرك, وأعلى منزلتك, وبارك الله في ذريتك.
حرر:1/12/1440
غفر الله لها واسكنها فسيح جناته
والهمك الدعاء لها
وصبر قلبك
امين
أسال الله الرحمة والمفغرة وجنات النعيم لك يا أم خالد. له الحمد على هذه الخاتمة الطيبة لها .فقد وصلني أنها كانت اخر عهده بهذه الدنيا كانت تحفظ كتاب الله تعالى . وعلى حسن أخلاقها وصبرها وبإذن الله انها من أهل الخير . وأنتم شهداء الله في ارضه . وحروفك أخي الغالي
كانت مميزة لانها خرجت من قلب ينبع من الحب لهذه الام الغالية وأسال الله الرحمة للجميع
سيرة طيبة تشع نوراً في هذا الزمن الصعب ، غفر الله لوالدتكم و رحمها و ادخلها فسيح جناته و جميع موتى المسلمين
اللهم اغفر لامهاتنا جميعا وأنزل سحائب رحمتك عليهن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا أعلم ماذا أكتب في هذه السطور القليلة , لقد حضرت إلى العزاء وشاهدت عينيك التي تكلمت عن مرارة الفقد , وغصة الحزن , وألم الفراق .
أعلم أن الليالي القادمة ثقيلة عليك , موحشة بذكراها , فقد عشت مثلك ألم فقد ابني , ألم ليس كالآلام المحتملة , وهكذا الأم أيضاً وربما الحزن على الأم وقعه أشد , وخاصة على من كتب المصنفات في بر الأم , وكسب رضاها.
كانت والدتنا رحمها الله ” نورة الوهيبي ” صاحبة فضل على كل من قرأ “150 طريقة لتصل برك بأمك ” , وعلى كل من قرأت ” أمي أنت جنتي ” فأم خالد رحمها الله تعالى هي من ألهمتك لكتابتها , وهي من نتذكرها ونحن نقرأ شدو أناملك البارّة .
ليكن عزاؤك أخي سليمان أنها من إماء الله الصالحات ,العفيفات , الطيبات , وليكن عزاؤك أنها ختمت البقرة قبل أيام من رحيلها , فهذه من أمارات حسن الخاتمة.
تذكر قول الله تعالى : والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء ” وأعلم أن الله سيجمعكم في ظل عرشه ومستقر رحمته , في جنة أبدية ليس فيها إلا الرضا .
الصبر على ثلاث مراتب , وربما أشدها هو الصبر على الابتلاء , فاصبر يا أخي , وأسأل الله بمنه وكرمه أن لا يحرمنا واياكم أجرها , ولا يفتنا وايكم بعدها , وأن يسكنها الفردوس الأعلى .
كانت أما عظيمة عظيمة حنونا رؤوما حكيمة معطاء
عشت معها كزوجة ابن قرابة الثلاثين سنة لم أجد منها مايمسني بسوء من قريب أو بعيد بل وحدت فيها عوض فقد أمي
فقدتها فتجدد علي حزن فقد أمي رحمها الله
هنيئا لكم برا تفضل الله به عليكم وعوضكم ببر أبنائكم
وغفر لنا ولكم تقصيرنا
وجمعنا بهم في جنته
أسأل الله العظيم ان يربط على قلوبكم ويجعلها من سيدات الجنة ، عندما كنا صغار و من شدة لطفها معنا كنا نعتقد انها اخت أمي فجعنا أنا ووالدتي بوفاتها ولكن عزائنا انها رحلت الى دار أجمل غفر الله لها وانزل على قلوبكم السكينة والإطمئنان
عظم الله اجركم ، واحسن الله عزاءكم. وجعل الله قبرها روضةً من رياض الجنة. واسكنها فسيح جناته.
الله يرحمها ويغفر لها ويسكنها فسيح جناته ويلهم أهلها الصبر والسلوان إنا لله وإنا إليه راجعون
اشهد لها انها كانت انسانه طيبه وحنونه رحمها الله اسئل الله العظيم رب العرش العظيم ان يتقبل دعاء كل من يدعو لها ويجعل قبرها روضة من رياض الجنة
ويجمعنا في جنات الفردوس الأعلى
اللهم اغفر لموتانا وموتا المسلمين أجمعين
عظم الله اجركم واحسن الله عزاكم اخي بوصقير
..
سبحان الله الذي جعل الموت علينا حتماً محتوماً، يأخذ منا أهلنا وأحباءنا، وكلّ يوم لنا فقيد عزيز على قلوبنا، وليس بأيدينا إلا الصبر والدعاء.
أخي الكريم آلمني الخبر وعشت معك واستشعرت غصة كل حرف قد كُتب هنا ،، نسأل المولى أن يمنَّ على الفقيدة أمنا بالرحمة والرضوان، ولكم من بعده الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون. خفّف الله عنكم مصابكم، وأحسن عزاءكم وجبر خاطرك جبراً رحيماً.
أخي الفاضل اعتذر عن التأخير في العزاء واني لاشعر باستحياء من هذا التأخير ونحن ممن يستمتع بحروف كتاباتكم وعطاءكم للبعيد قبل أن يكون للقريب .
عظم الله أجركم، و غفر الله لها و أسكنها فسيح جناته ،
و ليت بنات اليوم التي يقضين جل وقتهن امام وسائل التواصل يتعلمن من هذه القصة كيف يكون الكفاح و كيف تكون التربية، و ان خدمة المرأة لزوجها و رعايتها لأطفالها لا يمكن أن تقوم بها الخادمة على وجهها الاكمل. لذلك انتجت امهاتنا و جداتنا جيلا يختلف تماما عن ابنائنا من حيث البنية و التربية.
يارب اكتبها مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين واجعل كتابها في عليين واجبر قلوبنا على فراقها واجمعنا بها في جنات النعيم على سرر متقابلين مع الذين لاخوف عليهم ولا هم يحزنون
رحم الله الوالدة الغالية العابدة الصالحة وأسكنها فسيح جناته ولوبقيت هذه الدنيا لأحد لبقيت لأكرم الخلق وأفضل الرسل نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم
وأشهد بالله على جميع مانقلت فطالما سمعت من والدتي مايعجب له المرء أيعقل أن نجد مثل هذه النماذج التي تذكرنا بالسلف الصالح رحمهم الله جميعا
وإن رحلت رحمها الله فماتركت وراءها إلا التعب والنصب ومااقبلت إلا على رب رحيم مع الصديقين والصالحين وحسن اولئك رفيقا
رحمها الله رحمة الأبرار وموتانا وموتى المسلمين وجعلهم ممن لاخوف عليهم ولاهم يحزنون