“أبو رابح ” يمارس لعبة الجيوكانشينج و البحث عن الكنز الموعود

“أبو رابح ” يمارس لعبة الجيوكانشينج و البحث عن الكنز الموعود

رغم بخل أبو رابح الظاهر للعيان , و حبه الشديد للمال , لكن يبقى شيئاً يميزه عن غيره من البخلاء , و هو خفة ظله , و حلاوة لسانه , و اختراعاته التي لا تنتهي في سبيل الوصول للربح السريع للأموال . هذه الصفات تشفع له في بعض المواقف أمام من يقابلهم في طرقات الحياة , لذا يُقبل منه البخل إذا كان سوف ينشر الابتسامة على من حوله …أو سوف يكون سبباً للتندر بحكاياته لأيام عدة…

في نهاية كل أسبوع يخترع أبو رابح طريقاً جديد لجمع الذهب و الفضة و بسبل مختلفة , و إن لم يكن ذلك …فهو يخترع طرق جديدة لتخفيف مصاريف و أعباء الحياة اليومية .

نهاية هذا الأسبوع لديه شيئاً جديد , فقد دخل على زوجه الحنون ” أم رابح ” و ناداها بأعلى صوته , انظري ما لذي أتيت به يا زوجتي العزيزة , فرحت الزوجة و ظنت أنه أتى بشيء تفتخر به أمام نسوة المدينة ….
ثم همس بإذنها و قال تعالي إلى الفناء  أيتها الحية الرقطاء , و قالت بينها و بين نفسها لعل الأمر خير , أو  يسر أو على الأقل لا يضر….

قال أبو رابح : أنظر إلى هذه الأداة و المكينة…
قالت أم رابح : إنها مكينة حلاقة , قال لها نعم …فقد وجدت و بحسبة بسيطة أنني أنفق أموال طائلة على حلاقة شعيرات رأسي المتطايرة , و هن اقل من أن أذهب بهن إلى الحلاق , و أنفق الأموال على شعرات عدة بأماكن متفرقة , ثم إنني فكرت و قررت أن آتي بالمكينة للتولي أنت عملية الحلاقة يا سيدتي المختارة .

قالت كيف أقوم بذلك و خبرتي في هذا المجال قليلة , و حياتي قضيتها بين المطبخ و الأولاد و الترتيب و إجابة حاجياتك و السماع لطلباتك . قال لها أبو رابح : ألم تسمعي بالمثل الذي يقول تعلم الحلاقة برؤوس الأيتام …و أنا منهم…فهي فرصتك لتنمية هوايتك …فهيا أبدئي و سوف أراقب الوضع بالمرآة من الجهة الأمامية و الخلفية . و إنتبهي أن تفصدي عرق أو تسيلي دم أو تجرحي جلد …

جلس أبو رابح على درجات المنزل التي تؤدي إلى الفناء , و جلست من خلفه أم رابح و تعلوه درجه , لكي يتهيأ لها أن تطير فوق رأسه و تبحث عن شعيراته القليلة و المتناهية بالصغر لتنقض عليها إنقضاضة واحدة .

المرآة تقوم بعملها و هو يحركها بيده عن يمينه و يساره , و الشمس أيضاً تعين أم رابح في عمليتها الخطيرة , فهي تنير أماكن متعددة من جمجمته الممتدة و تسطع في  إطراف رأسه الذي يكاد يكون خالي من الشعر إلا من بعض الشعيرات التي ظلت طريقها و خرجت في بقع متباعدة من رأس أبو رابح .

بعد دقائق معدودة كان الأمن مستتب  , فالشعرات زالت , و النفس هدأت , و أم رابح للرهان قد كسبت , و لكن تبقى أثر بسيط وهي بقع متناثرة على رأس أبو رابح أحدثها الموس الذي كان يرتع في فيافي ذلك الرأس . فيأكل قليلاً من الشعر و يجرح كثيراً من العروق  .

لكن هل انتهى برنامج أبو رابح لنهاية هذا الأسبوع …لا….فلديه عمل مهم آخر , وهو مشروع استثماري يستلزم أن يقرأ عنه أكثر …

كعادته كل خميس استلقى أبو رابح في كنب الصالة الطويل , فوضع رأسه جهة الشمال و رجلاه جهة الجنوب , و من أمامه التلفاز الذي قد بح صوته من اعتلاء أرقامه , و تحت الكنب أبنه رابح الذي يصب القهوة و يباشر على أبيه بتمر قد أتى به من بعض أصدقائه , و عند أقدامه أبنته الرقاوي و التي تقوم بتهميز أبيها من النَصَب و التعب الذي تحمله في سبيل العائلة و طلباتها , و عند رأسه جلست أم رابح و التي تعلم المطلوب منها , فهي قد جلست في هذا الموضع لتهمز رأسه و تقوم بمسحه من أوله إلى آخره من أجل تنشيط الخلايا التي أضناها العمل من أفكار أبو رابح الجهنمية , بل تقوم بكل عمليات المساج المطلوبة بعد عملية الحلاقة المشئومة . إنها تجمعه بأصابعها ثم تنشره مرة أخرى و كأنه تريد أن تعصر رأسه ليتفتق بأشياء جديدة أو أخبار عجيبة غريبة فريدة .

أبو رابح قد مد رجليه , و برز بطنه, و أنحنى ظهره من وسطه , و بين يديه كتابه الجديد , فأخذت عيناه تطاردان السطور و بشغف غير معهود , و بطريقة كأنه يريد أن يأكل الكتاب بسرعة فهو يقلبه ورقة …ورقة .

 إن بين يديه كتاب سوف يغير خارطة العائلة , و ينقلها من الصفوف المتوسطة إلى الطبقات الغنية الثرية….فقد اشترى هذا الكتاب و أنفق فيه دم قلبه , و ذلك بعدما دفع مبلغاً طائلاً و يقدر بـ 45 ريالاً كاملة وافية لصاحب تلك المكتبة .
 و لكن أبو رابح لم يدفع تلك الأموال بلا حسبة . فقد حسبها ألف مرة قبل أن يقتنع بشراء ذلك الكتاب .

 

الكتاب بعنوان Geocaching  ” الجيوكانشينج” و البحث عن الكنز و مؤلفة محمد بن حمد الفارس , و يتحدث هذا الكتاب عن هواية اسمها الجيوكانشينج أو الكنز , و هي هواية راقت لأبو رابح لأن مؤلف هذا الكتاب يحمل الدكتوراه في تخصص الجيوفيزيا من أحد جامعات أمريكا العريقة , و لما  عاد من هناك عمل في شركة أرامكو للتنقيب عن البترول , و بعد فترة ترك ذلك العمل و أنخرط في هوايته الجديدة ” الجيوكانشينج ” ….و يمكن اختصار طريقة لعب لعبة الكنز المفقود ” الجيوكانشينج ”  بالتالي :
أنها لعبة عالميه يمارسها مستخدمي أجهزة ألـ(جي بي أس) وتعرف بإسم (جيوكاشينج). وبها يخفي مستخدم الجي بي أس كنز وهو عادة ما يكون علبه بلاستيكيه شفافه تحتوي على دفتر صغير وقلم مع بعض الحاجيات التي ممكن أن يأخذها لاعب آخر للذكرى. بعد إخفائها يقوم اللاعب بإعطاء إحداثيات موقع الكنز بصفحة الإنترنت المذكورة أعلاه
قوانين اللعبة بسيطة ، اذا رغبت الاحتفاظ بذكرى من محتويات الكنز ، يجب عليك وضع بديل لها في العلبة مع تدوين ذلك في الدفتر المرفق.
إذا وجدت الكنز أو الوعاء بالصدفة ، فأهلا وسهلا بك مشاركا معنا. ونرجو الحرص على النقاط التالية :
– لا تحرك أو تخرب الوعاء ، حيث أن المتعة تكمن بالعثور على الكنز ومشاركة الجميع مشاعرك وأفكارك حين وجدته.
– إن شئت ، بإمكانك أخذ أحد محتويات الكنز ، ولكن نرجو المشاركة بوضع قطعه بديلة تخصك ، والكتابة في الدفتر.
نود أن نذكركم بتوثيق اكتشافكم هذا في موقع الإنترنت المذكور في أعلى هذه الورقة ، والمشاركة متاحة لجميع من يستخدم جهاز جي بي أس ويجد متعه بالمغامرة. زوروا موقع الإنترنت للاستعلام أو لترك أي ملاحظات.( المصدر الموقع العالمي : الجيوكانشينج  )

أم رابح تحاول أن تسترق النظر لما يحتويه الكتاب و تحاول أن تغمض عينيها شيئاً قليلاً لتميز ماذا تحمل تلك الصور ….
أبو رابح بعد كل سطر و سطر …يحدث صوت طقطقة بلسانه ليعلن عن تعجبه و استغرابه …
الرقاوي في مهمة لا تنتهي من مساج الأقدام…. يبتدئ من صغار الأصابع حتى تصل إلى الركب التي لم يمسها الماء منذ شهور فبدت سوداء كالحة كغراب في وسط ليل …
رابح يمد الفنجال و ينادي أباه …و لكن لا مجيب…فيضطر لوضعه على الطاولة …فوالده منهمك بمحتوى ذلك الكتاب ….

يقرأ أبو رابح هذه المقالة عن لعبة الكنز  و يزداد عجبه ” بدأت الفكرة بكنز واحد في أمريكا منتصف عام 2000م، واليوم يوجد هناك 318 ألف كنز تقريبا مخبأة في 222 بلدا حول العالم، نصيبنا منها في السعودية 141 (حتى تاريخ كتابة هذه الأسطر)، حسب مقالة لمحمد الفارس. و ولاية كالفورنيا التي هي خمس السعودية تحمل في أرضها أربعين ألف كنز ” تنفتح أسارير ابو رابح و يسر بالأمر …و يعلم أبو رابح أن الأمر خطير ….و أن بين يديه مفاتيح اللعبة , و أنه على بعد خطوة واحدة من الحصول على الكنز…

و لاحظ أبو رابح أن محتويات اللعبة هي بسيطة بالمقارنة بعظم الفائدة المتوقعة , فكل المطلوب فقط إلى جهاز ملاحة أو ما يعرف بـ GPS، و روح تتطلع للمغامرة وعين تبحث عن التفاصيل , و جد بنفسه أبو رابح ارتياحاً و اشتياقا لبدء فصول هذه التجربة المثيرة …

و علم من خلال القراءة أن البداية يجب أن تبدأ من الإنترنت , و ذلك لأن الخطوات التي قرأها تقول : أنه يقوم أحدهم بإخفاء شيء ما (عادة يتخذ شكل علبة صغيرة تحوي قلماً وورقة وربما هدية رمزية) في مكان ما، (يفضل أن يكون هذا المكان يستحق الزيارة)، ثم يقوم بعدها اللاعب بتسجيل إحداثيات المكان (خط الطول والعرض)، ووضعها على الإنترنت ليطلع عليها الآخرون، ثم يبدؤون عملية البحث عن تلك العلبة أو الكنز المخبأ. عندما تجد الكنز تسجل أي ملاحظة في الورقة الموجودة مع الكنز وتأخذ الهدية الموجودة إذا أردت، على أن تضع شيئا رمزيا بدلا مما أخذته.

طبعاً أبو رابح قال بينه و بين نفسه , إن وجدتها فلن أضع شيئاً أبداً , و ليس لأحد حق مطالبتي…

أبو رابح أعد العدة للخروج في نهاية الأسبوع , فبعدما قرأ في موقع اللعبة عن كنوز مخزنة قريبة لمدينته القريبة من الرياض , و بالتحديد أن الكنز مخبأ في جبال الطوقي القريبة من الرياض  …فلم يتوانى بأخذ إحداثيات الكنز و تحديد مكانه و بدقه…

و الذي سره أكثر أن الذي خبأ الكنز هو أحد الغربيين الذين عاشوا في الرياض فترة , و قد قال في موقع اللعبة : إنه أثمن كنز قد خبأه في حياته…و لن يكون عبارة عن هدية بسيطة بل هي صغيرة الحجم  و لكن سوف تكون ثمينة نفيسه…و من وجده فقد فتحت له أبواب السعادة ….

أبو رابح فكر هل هي مجوهرات , أو بضع دولارات , أو تذاكر طيران , أو إقامة مجانية في فنادق عالمية , أو أشتراك مدى الحياة في شيئاً مما فات…. مؤكد أنها شيئ يستحق العناء …قالها بنفسه و بصوت خافت و كأنه يخاف أن يسمعه أحد ممن حوله …

إذاً  الفرصة مواتية , و البعيد أصبح قريباً , و الكنز يناديه صبح مساء , فمن كثرة تفكيره بهذا الذهب الذي بدأ يعتدق أن يكاد يسقط عليه من السماء كما يسقط المطر من الغمام , حتى أحس أن الأسبوع قد طال عليه , و أحس أن الوقت يخونه , و أن هناك من يحاول أن يصل إليه قبله , ففكر أن يأخذ إجازة ليعانق جبال الطوقي و يبحث عن الكنز المفقود …

لِما لا وقد صار هاجسه في ليله و نهاره , وحديثه على مدى أيامه , يحدث أم رابح و يعدها بالكثير إن وجد الكنز الموعود …
و يمني أبنته بهدية لا يفوقها أي هديه إن وصل إلى ذلك الصندوق العجيب…
أما رابح فله من الحظ الكثير إن وافق الحظ أباه ….

حانت ساعة الصفر فاليوم الأربعاء , وغداً الخميس , و هو موعد الخروج إلى ذلك الكنز أالذي تخذ جبال الطوقي ملاذاً عن أعين الناس ….و كأنه ينتظر صاحبه أبو رابح …

أخذ الإحداثيات و قرأ عن المنطقة و حفظ تفاصيلها و جهز كل مستلزماته ,و أستقل أبو رابح سيارته منذ فجر الخميس و اتجه إلى تلك المنطقة , و عيناه تدوران باستمرار حول جهاز القارمن العجيب , و ينتظر من جهازه أن يصدر أي إشارة تدل على أنه قريب من كنزه , فأخذ يبحث ساعات عدة و تطورت حتى أنفق يومه الأول كله , ثم صدر صوت سريعاً كلما أقترب أبو رابح من منطقة محددة ….علت وجهه ابتسامة ثم ضحكة ثم قهقه أرتج منها الجبل ورددتها الصدى بصوت أعلى و أجل ….إذاً هي منطقة الكنز …

نظر أبو رابح من بعيد فوجد سيارة تتنجه بسرعة إلى نفس المنطقة , خشي أن الذي أتى للمنطقة هو محمد الفارس خبير هذه اللعبة , و عاشقها و الوحيد مع قريبه الآخر الذي يمارسانها في السعودية ….

 و أكثر من ذلك محمد الفارسقد وجد 78 كنزاً في السعودية و الإمارات و البحرين و قطر و سيرلانكا و جزر المالديف و عمان , فلن يعجزه مثل هذا الكنز , ثم ردد بنفسه أو لعل محمد الفارس علم أن محتوى هذا الكنز يختلف عن غيره , و أنه يظم في جوفه هدية ثمينة كما ذكر الغربي الذي خبأه من قبل , فكر و الأمل يترنح في فؤادة …كيف لمبتدئ مثلي أن يقتنص هذه الفرصة من بين أنياب الأسد , هكذا كان يحدث نفسه أبو رابح وهو يزيد من سرعته باتجاه سهم القارمن …. 

ماهي إلا لحظات حتى أنحنى صاحب تلك السيارة إلى أحواش للإبل في تلك المنطقة و التي ظن ابو رابح أن صاحبها محمد الفارس , و تنفس الصعداء و علم أن الكنز أختاره دون غيره من الأصدقاء ….

صعد لأعلى ثم تعرج به الطريق و سار بطريق منحني سيارته له لا تطيق , و وصل إلى المنطقة المحددة , و لكن المكان لا يزال يبعد عنه بعض الشيء , فلابد أن ينزل من السيارة و يكتشف المكان بأقدامه …
نظر من حافة الجبل وجد أنه يؤدي إلى هاوية …فرجع مسرعاً خائفاً من منظر الجبل السحيق …فتناقص صوت القارمن من جهازه…

فعلم أن الكنز مخبأ بالمنطقة القريبة للحافة , نظر في كل مكان , حرك جميع الحصي , استخدم رافعة السيارة لتحريك قطع الجبال الثقيلة , أنزل رأسه في جحر قد طمرته الحجارة فلم يجد شيئاً إلا ضباً قد أوقعه حظه السيئ بيد أبو رابح فأمسكه و قطع رأسه , وقال بصوت عالي هذه أول غنيمة  .

وجد  قريباً له طريقاً يؤدي إلى مسلك يحاذي الجبل . فشد الحبل على الظهر فعزم و نزل , ألصق جسمه بالأرض , وزحف كما تزحف الزواحف, و مشى على أربع , و أنزل رأسه عن الصخور التي تتدلى من أعلى , و كل هذا الطريق و الأمل يحدوه أن يصل إلى الكنز الذي يناديه… 

 من على حافة الجبل هبة عاصفة بسيطة أطاحت بشماغة في قاع الجبل و سقط عقاله تحت أقدامه , فبكى الشماغ ساعة , ثم رضي بالأمر الواقع فودع الشماغ و لبس العقال فوق الطاقية , و أقنع نفسه بأن الفرحة قريبة لا محالة , و أن الفرج بعد الضيق و أن الكنز قريب و ليس بعيد…

صوت جرس القارمن يزيد من صوته معلناً قربه من صاحبه , أخذ ينظر يمنة و يسره , و من تحت قدمه و فوق رأسه فلعله يجد حظه , و بالفعل قد وجد مبتغاه , و لكن ليس بالقريب الذي تصله يده , و ليس بالبعيد عن عينه , إنه يظهر عبر جحر فوق رأسه بمتر ونصف , و لكن لا تصله اليد و في مكان ضيق لا يقدر على القفز ليصل إليه .

 

فكر كيف يسقط هذا الصندوق , و كيف يحصل على محتواه الثمين …
فلم يجد بداً أن يستخدم عصاه الذي بيده ليتحرك الصندوق …استخدم العصاء و حرك الصندوق برقة و لطف , فسقطت بعض الحجارة , نظر إليها وهي تسقط من جانبه ثم تهوي في تلك الحفرة السحيقة , فحمد الله على سلامته ….

حركها مرة أخرى حركة خفيفة  فطارت أفراخ طائر تسكن في ذلك الجحر …فأرعبه ذلك الخروج المفاجئ لتلك الطيور , و حاول مرة أخرى فسقطت بعض بيضات الطيور  فوقعت واحدة على رأسه و الأخرى تهادت في تلك الحفرة السحيقة …

فجاه …و بدون مقدمات… خرجت مجموعة من الطيور واحداً تلو الآخر من نفس ذلك الجحر  …ففزع و أحدث خروجها ضجة و حركة غير عادية مما تسببت بإسقاط ذلك الصندوق , الذي وقع تحت قدم أبو رابح و أنفجر بمحتوياته…فانتثر مايحمله تحت أقدامه …فتدحرجت بعض المحتويات من على سفح الجبل حتى لحقت بالحصيات السابقة في القيعان السحيقة , و لكن لم يتيقن بسقوطها و لم يتيقن بوجودها , و لايزال الأمل يداعبه ,  وذلك لأنه لم يراها بوضوح وهي تسقط , فالأتربة التي تلقتها عينه من سقوط ذلك الصندوق قد أثرت على بصره فأصبح لا يرى الرؤية الكاملة الواضحة , فأصبح لا يرى إلا أشكال تتهاوى فلا يعلم هل هي محتويات الصندوق أو بعض الحجارة الت سقطت من الجبل فهي تتدحرج و تسير  ببطئ حتى ألتهمها ذلك السفح ….و لكن القلق و الخوف لم يدع له مجال للأمل ….ففزع و جزع ….أن فاتت عليه الفرصة….

لكن بعدما عرك عيناه و ذهبت آثار الروعة عنه …نظر على الحافة فوجد أن الصندوق البلاستيكي قد استقر على طرف الجبل , فتبسم و فرح , و كاد أن يقفز من شدة الفرح ….لولا أن خشي أن يلحق ببعض تلك المقتنيات التي هربت من بين يديه ….

فكر و قال لعل المتبقي هو الكنز …و لعل الذي سقط هو حجارة أو شيئاً ليس ذو قيمة ….نظر إلى الصندوق الموجود على حافة الجبل …فأعياه الوصول إليه …فأي حركة قد تسقطه ثم يتبع الذين سبقوه  ….زحف ببطء…تحرك بتؤدة ….كريشة تحملها نسمه ….يمشي على ركبه و أطراف أصابعه و يدفعه الأمل , فكأنه قناص يقتنص فريسة غافلة عنه ….أو فارس يحاول أن يجهز على عدوه …أو حيوان مفترس يترصد لفريسته …أو رسام يحاول أن يضع اللمسة الأخيرة على لوحته…

أغمض عينيه حتى لا يرى هوية الجبل ….و مد يديه ليتناول ذلك الصندوق …..على أطراف منكبيه يزحف …و قلبه بين أضلعه يرتجف ….و أمل بالفوز يتنفس ….يداه تقتربان من هذا الكنز الثمين …فيحس بدفء عظيم …يكاد قلبه يقفز من الفرحة أن الصندوق قد ثبت و أوفى بوعده و ظل ينتظره على حافة الجيل ….و أنه إليه وصل رغم حالة الخطر….الخطوة التي قبل الأخيرة يجب أن يرفع ظهره ليلتقط الصندوق بخفة ….رفع ظهره بخفة ….تدحرج شيئاً من على رأسه…فكأن الجبل أنهد من فوقه…العقال الذي فوق الرأس تدحرج… كأنه أراد أن يسابق صاحبه بالوصول إلى الكنز….فتدحرج بخفة و أصاب الصندوق بدقة و بالحفرة السحيقة قذفه…فغابت الشمس على أبو رابح وهو ممد في ذلك الشق من الجبل من جبال الطوقي يندب حظه العاثر الذي أفقده الكنز الموعود ….

نسيم نجد

www.naseemnajd.com

رابط مقال تعريفي عن اللعبة

في الختام : من له استطاعة أن يشارك في هذه اللعبة في سفراته العالمية , ويضع صندوق في أي مكان في العالم , ثم يضع داخل الصندوق نشرة تعريفية عن الأسلام , و ثم يسجل في الموقع المشار إليه سابقاً , و يخبر أن في المكان المحدد كنز مخبأ و ذلك عبر إحداثيات يكتبها  ….فماذا تتوقع أثرها على من وجدها .

عن سليمان الصقير

محب للسفر والترحال : مؤلفاتي : 1- 800 خطوة لرحلة سياحية ممتعة 2- 150 طريقة ليصل برك بأمك 3- أمي أنتِ جنتي 4- بنيتي لكِ حبي 5- مذكرات مدمن إنترنت

شاهد أيضاً

هل حقاَ مات العرب المسافرون؟

أعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده (رماني).. وأسقيه من عذب حروفي فلما تعلم الحرف …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.