الحلقة الأخيرة : عذراً زيلامسي لقد أخطأت التطريق

NASSSS
زيلامسي , كابرون , كليمر , النمسا , أوربا , أحبابي …وداعاً

أخوتي الذين تابعوا حلقات هذا الموضوع , فجادت أيديهم بنبض قلوبهم , أو خفقت قلوبهم بترانيم أسمعها و إن عجزت صدورهم أن تبدي نبضها . أو مروا في ساحتي و استبدلوا أرضي اليباب بزهوراً تتفتح فترسل عطراً و شذاً من جميل مرورهم . أو عبروا قريباً من هنا… ثم ذهبوا …و بقي أثرهم ينشد لحناً خالدا…..أقول لهم جميعاً أودعكم و لكن …قبل الوداع أريد أن أسمعكم شكري و تقدري ..فهل تسمحون لي …

قبل الوداع
رسمت لي في هذه الحياة طريقاً ,  أن من لمحني ببصره وضعت قلبي بيده ,  و أن من مد لي يد الإخاء مددت له كل الوفاء ,  و أن من أعطاني بعض وقته أعطيته كل جهدي , و أن من ذكرني يوماً ذكرته دوماً , و أن من تمنى لي السعادة ,  أخذت له من سعادتي و أعطيته عليها من الحب زيادة . فكنت أعتقد أنني برسمي ذاك قد أحطت بالحب كله… لكن …و من خلال موضوعي هذا تعلمت أن مشاعركم أكبر من لوحتي , و أن نبضكم تعجز عن رسمها ألوان فرشتي , و أن وفاؤكم يعجز أن يحيط به بروازي , فمنكم تعلمت أن الحياة تُعلم  , و أني قد رسمت طريقاً في حياتي يسع كل الناس  , و لكن لا يسع حبكم الفياض  , فسامحوني , إن ضاق عليكم طريق حياتي  …
قبل الوداع
عندما عرضت موضوعي هذا  , وعندما فكرت بكتابة رحلتي هذه …

 

كنت أخشى أن أكتب حلقات بدون مرور , فأكون كمن يمثل مسرحية بلا حضور , ولكن كان حضوركم يدهشني و تشجعكم يفرحني …

 

فقد كنت أعتقد أنني سوف أكون حديقة بلا زهور , لا بل زهرة تقاذفتها الرياح في الصحاري  ,  فضاعت وسط القفار ,  وخدشت جمالها الأشواك  , فصارت إلى ذبول وظلال …

 

فوجدت أنكم وضعتموني في جنة كلها مروج و ورود , رغم أن زهوركم أعلى و رائحتها أزكى …

 

 

كنت أخاف أن أكون كوخ جميل في أرض مهجورة , فوجدتكم أنسي الذي يملئ علي غربتي …

في طريقي معكم , ارتحلت ,  و تنقلت ,  وقررت أن أصعد إلى درجات المعالي ,  و المزالق تحف بي من كل جانب ,  و أنا أعلم أن الوصول إلى العلا يحتاج إلى نفس صابرة , رغم ذلك لم أيأس فركبت بحر الصعاب…

فقد كان  ,  لي همة عالية تلامس السحاب ,  و عزم أكيد ينهض بنفسي للوصول إلى أعالي القمم  , كنت أرتحل و أتجول  , و نفسي تستقي علمها من تساؤلات ,  و تأملات ,  و نظرات ,  و مشاهدات ,  أجمعها في نفسي ثم أنثرها على ورقي  , فرغم ذلك أخاف أن لا يكون كل ذلك يعجبكم أو ينال بعض استحسانكم , فتذهبوا عني …فتتركوني لوحدي..

بل كان يساورني قلقل و خوف بأن يصيبكم البرود من انتظار حلقاتي , ففوجئت أنكم تنتظرونها الأيام الطوال  , حتى هيئ لي أن عازف ماهر , و ما ذلك من حسنٌ بي و لكن من كرم منكم , فلكم ألفتكم أخوتي و اعتادت نفسي على مروركم…

فكنتم القمر المضيء لصفحاتي , و أنتم من أشعل الحب في حياتي…

و لعلي قد أخفيت عنكم بعض نبضاتي , و بعض حبي لردودكم على صفحاتي , و لكن وبحق  , لقد كنت أرقبكم من بعيد و من بين أغصان الشجر  , وعندما أجد توقيعكم على أطراف قصتي  , أهرول مسرعاً  , فأتأمل كتبكم  , و أنظر لرسمكم , و أبتسم أن نالت بعض إعجابكم …

فأصبحت في كل حين أنتظر أن يرسي قاربكم في شاطئ , و أن تعود قوافلكم لتزودني بجميل خلقكم  …

فكيف بي إن غيرتم مسار سفينتكم , واخترتم مرسى لحبكم غير قلبي , وكيف بي إن حلت الوحشة في مرساي , وخلت من أنسكم  , وحلت الذكريات عن أيامي معكم …فأبحث عنكم فلا أجدكم …

بل أجد كل ما يذكرني بكم  , أجدها صور بلا روح , أجدها ذكريات كأشباح , فتمر كسحاب أبيض ,  يقترب فيكاد أن يلامسني ثم يفترق …

وكيف بي إن أخذت قوافلكم طريقاً غير طريقي  , و اندثرت طرقات حياتي .هل أجلس فأنتظركم حتى يلوح لي مركبكم من جديد … لأ… لن أنتظر الأمل حتى يقتلني الألم , بل سوف أذهب إليه , لذا سأذهب أبحث عنكم في كل مكان  , حتى أجدكم , و أبحر معكم في مراكبكم و عبر بحاركم…

سأدع مرساي خاوياً , و أترك كرسيي الذي طالما جلست أنتظركم عليه , و أبحر معكم , أو سو ف أقص أثر  قوافلكم و ركابكم و أقطع كل صحراء , و أعبر كل فلاة من أجل أن ألمحكم ..

و إن تحول الحلم إلى سراب و لم أجدكم  , سأنتظركم من طلوع الشمس حتى بزوغ القمر …

فتحت نور القمر ينبت الأمل , فأنا لا استغني عنكم …فكل صبري ,  ضعيف  , أمام بعض حبكم …

قبل الوداع
أجمل مافي هذه الحياة أن تحس بأخوة صادقة  , و أجمل مافي هذه الأخوة أن تجد صحبك يشاركونك همك وكدرك و صفوك وسعادتك , بدأت كتابة هذه الحلقات من مدينة بون الألمانية …

فكنتم مصدر سعادتي الذي يؤنسني في سفرتي , و حملتم عني من همي الذي يكدرني , و بقيتم تمرون على موضوعي  , و ذلك لأن يطمئن قلبي و تهدأ نفسي , حملت معروفكم ذاك في قلبي , و ذكرته لكم في خلوتي , و شكرتكم عليه عبر خط يدي  , و أكثر من ذلك  , أسكنته قلبي , بدأت كتابة تلك الحلقات في بون الألمانية  , و من على ضفاف نهر الراين فأحسست بتدفق مشاعركم كما يتدفق ماء النهر في جداول من بين الأشجار والغابات…

و كتبت بعض الحلقات في ظروف مختلفة و متغيرة ,  أما مشاعركم فقد كانت ثابته , راسية كثبات جبال الألب . فقد كتبت حلقة من الحلقات و أنا جالس على كنب في غرفتي في ألمانيا  , فوجدت نفسي قد نعست ,  فنظرت فإذا بي في ساعة متأخرة من الليل و يدي بين صفحاتي موضوعي , فأكملت ,  فنعست مرة أخرى ,  فكنت أعلم إن نعست عيني فهناك عين لم تغفي و تنتظرني , فلم أنم حتى أنهيت موضوعي …

و كتبت ذات مرة حتى منتصف الليل و في صبيحته لدي سفر بعيد ,  لكن سفري معكم عبر صفحاتي أهم و أكمل من أي سفر , فأنا أصلاً أسافر من أجلكم  , و من أجل أن أنقل لكم بعض مشاهد متعتي , فلعلكم تستمتعون معي  . و كتبت و أنا محلق بين السماء و الأرض , فأحسست بتحليق قلبوكم معي , و نظر عيونكم إلي …

لقد كتبتها في ثلاث مدن سعودية وقاربي يتنقل بينها , على شط البحر , و في ظلال الناطحات , و في لفح الصحاري …

وكتبت و أنا عند أطفالي و صغيرتي بحجري , تسمع لمس أصابعي للوحتي , و تنظر عيناها لصوري …

و كتبت أحد الحلقات  , ففقدتها خمس مرات و في كل مرة أعيدها من جديد , فلم أمل لأنكم لم تملوا , فهل ستذكرونني….
قبل الوداع
عذراً زيلامسي لقد أخطأت الطريق , عندما قلت أنك أغرقت قلبي ,   , عندما قلت أنك نهرك حب جاري ,   , عندما قلت أنك بحيرتك حبٌ شافي , .عندما قلت سمائك صفاء و أرضك وفاء ,  عندما قلت أنني عشقتك و أحببتك كأكثر ما يهيم به المحبين …. فعذراً زيلامسي  , لقد وجدت من هم أكثر منك حباً , فلا تسأليني من هم  . فسوف تجدينهم بين صفحاتي .
فهل تعذرينني يا صغيرتي , يازيلامسي أن أسكنت قلبي أناس غيرك !!

قبل الوداع
و إن غابت الشمس , فإن من بعد مغيبها شروق يؤذن بصبح مضيء ….
و إن احتجب القمر بقطع من السحب . فإن أشعته لابد نافذة بعد أن تزيح نسمات الرياح البسيطة قطع السحب المتراكمة ….
و إن خط نيزك في السماء نوره , فسوف يذهب و تبقى أنوار النجوم المتلألئة ….
و إن غابت حروفكم عني , فإن ذكراكم في قلبي مشعة ….
و إن غابت وجوهكم عني فإن نور مروركم يملئ عيني …
فلن أنساكم فلا تنسوني ….
قبل الوداع
لقد حاولت أن أطيل من كلمات ما قبل الوداع حتى لا تصل عيونكم لنهاية حروفي , ولقد حاولت من قبل أن أطيل صفحات موضوعي حتى لا أفقد لقياكم  , فقد استغرقت رحلتي التي وصفتها خلال هذا التقرير , مدة يومين فقط على أرض زيلامسي , و جلست أكتب لكم هذا التقرير لمدة شهرين متتابعين , و كل ذلك لكي لا أودعكم  , لكن أحسب أن كلمات بحيرتي من حروف الحب لن تجف ,  و نهر كلماتي من الوفاء لن تنضب , و قطرات عباراتي من الشكر لن تتوقف , فسأبذلها لكم و إن لم تروها , و حسبي أن الرحيل هي نهاية كل مطاف  , فحان الرحيل  , و حانت كلمة الوداع التي هربت منها ولا مهرب منها , فأودعكم بقلب يذكركم ,  و أودعكم بقلب يشكركم  , فودعوني بقلب يغفر ,  و ودعوني بقلب يدعوا .

 الـــــوداع

الختام
سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك

محبكم / نسيم نجد

naseemnajd.com

روابط بقية الحلقات :

الحلقة الأولى

الحلقة الثانية

الحلقة الثالثة

الحلقة الرابعة

الحلقة الخامسة

الحلقة السادسة

الحلقة السابعة

الحلقة الأخيرة

عن سليمان الصقير

محب للسفر والترحال : مؤلفاتي : 1- 800 خطوة لرحلة سياحية ممتعة 2- 150 طريقة ليصل برك بأمك 3- أمي أنتِ جنتي 4- بنيتي لكِ حبي 5- مذكرات مدمن إنترنت

شاهد أيضاً

ملف متكامل عن النمسا من جمع وإعداد الخبير (النمسا التي رأيت) @Austria_1

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بين أيديكم ملف متكامل عن النمسا من إعداد الخبير (النمسا …

8 تعليقات

  1. ماشاءالله ،كلمات آخاذه .. وصور معبرّة
    حنماً هناك لقاء ، إثر كل وداع .. من يدري !

  2. أختي الفاضلة / pastel
    حياك الله في صفحتي
    و جميل أن أسعد بزائر جديد في نهاية رحلتي
    و بإن الله هناك لقاء قريب , و لكن سوف يكون عن عشق جديد من أرض أوربا ففي الأسبوع القادم بإذن الله سوف يرسي مركبي على شواطئ بحيرة إنترلاكن السويسرية بلد السحر و الجمال ..فابقوا معنا ..

  3. أخانا الفاضل
    نسيم نجد

    لقداجتهدت فبلغت
    ووصفت فأبلغت
    ومنحت فأكرمت
    واحتفظت بالمعروف فوفّيت

    لقد منحتْنا هذه الحلقات الأوروبية
    زمانا فوق الزمان الذي عشناه
    وأسفارا فوق التي خضناها
    وخبرة فوق الخبرة التي اكتسبناها

    وإن كان لنا من عتب
    فهو أنها اكتملت وانتهت
    وقد اعتدنا إطلالتها

    بارك الله لكم
    وحفظكم في حلكم وترحالكم
    وننتظر انترلاكن ..

  4. أختنا الفاضلة
    رحيل ~

    قيظنا خيامنا التي أقمناها في ربوع أحبتنا
    و طوينا صفحاتنا التي نشرناها من أجل أخوتنا
    و نثرنا حبرنا الذي كنا نأمل أن يوازي نبض صحبنا

    فهل وفقنا ؟!
    لا أعلم !!

    فإن كان ذاك فهو من الله .
    و إن كان غيره فلقد بدأت رحلة التكفير عبر مدينة إنترلاكن السويسرية
    فآمل أن يكون خط القلم يوازي حضور الأساتذة..
    بارك الله فيكم و نفع بكم

  5. ماشاء الله دائما تقاريرك لاتمل ,,حمدلله على السلامة
    دمت بخير

  6. أخي الفاضل / 2ibrahim
    شكر الله لكلماتك
    وأسعدتني بمرورك
    وحياك الله في صفحاتي
    دمت بود

  7. ما شاء الله تقرير رائع وصور جميله وتعليق يزيدها جمالاً
    بارك الله فيك
    بس ليه ما اخذت معك ام العيال؟
    🙂

  8. بارك الله فيك أخ نسيم ما شاء الله مبدع في الرحلات والصور ولديك مفردات لغوية متميزة
    حقا مدونة رائعة جزاك الله خيرا وجعلها في موازين حسناتك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.