الحلقة السادسة : عذراً زيلامسي لقد أخطأت الطريق

أرض الجليد في كابرون

دار سهم المؤشر إلى إتجاه الشمال في جهاز navigation ليعلن وجهتي الجديدة إلى مدينة كابرون….و تبعد كابرون عن زيلامسي ثمانية كيلوامترات…..كابرون هي المنطقة الثانية في زيارتي بعد زيلامسي…هي منطقة الجبال الثلجية و المرتفعات الجليدية…. هي محط العرب في فصل الصيف ..و وجهة الأوربيين في فصل الشتاء….وهي موطن الهوايات الشتوية لما تحتويه من مرتفعات جليدية مناسبة …

تابعت سهمي المفضل لعله يرميني بسهمٍ جديد من سهام الحب….الجهاز يحدد الأتجاه المطلوب…..نظرت إلى مؤشر الوقود فوجدته خالياً …فقررت أن أتزود بالوقود لكي أستغنم بقية اليوم من الرحلة…. نظرت إلى رفوف المحل القريب من المحطة , فتذكرت أن لبدنك عليك حق , فتزودت بوقود آخر , وقود للجسم المقبل على البرد و الثلج…..فمن المعلوم أن المناطق الباردة تحتاج إلى أجسام مشبعة….و من تابع رحلتي من أولها يعلم أنني من فصيلة البسكويتيات ثنائيات الأرجل….لأنني أفضل هذه الطريقة على أن آكل لوحدي….. لذا فقلما أذهب إلى المطاعم لآكل وجبة ….فهل يعقل أن يأكل إنسان بدون أن يشاركه أحد من الناس….لن أعيد القصة التي قصصتها عليكم في الحلقة الماضية عن الأثر النفسي للأكل في السفر لوحدي …خرجت من السوبرماركت محملاً بما لذ و طاب ..فحملت ما يسد شبعتي….من أنواع شتى من البسكويت و ما لذ و طاب من الكاكاو…و مما حسن منظره من الكيك و الحلوى…..حملتها فرحاً مسروراً كما يحمل الطفل الصغير تلك الأشياء في ليالي العيد السعيد…ركبت سيارتي ….و عيناي ترقبان من بعيد جبلاً شامخاً …..توصل إلى و تسبقه طرق متلوية ….و في أثناء اتجاهي إلى تلك المدينة حانت مني التفاته على يساري…فوجدت طائرات شراعية …في مدرج صغير….فتذكرت ما قام به بعض الأصدقاء من تجربة الطائرات الشراعية , و ما تحمله من مغامرة رائعة , وما قاموا به من رحلات فاتنة تجعلك تطلع على زيلامسي من مشهد سماوي رائع…. وو لما تذكرت ما فيها من المتعة الحقيقية …سولت لي نفسي أن أقوم بتلك التجربة ….و أن أحلق كعصفور صغير بجناحين جميلين….فارى الكون يضغر شيئاً فشيئاً , و ارى الجبال و هي تلبسقبعة بيضاء , و أشاهد البلدة كحديقة صغيرة مقسمة بمربعات خضراء منظمة , و أجد طرقات المدينة كحبال سوداء على الأرض ملقية , و أرى قطع الغيوم تزورنا لحظات وتغيب لحظات أخرى ….هذه أحلامي و آمالي عندما رأيت تلك الطائرات الشراعية…و مع آمالي وعصفوري كبرت أحلامي …..و مع تلك الهواية الشراعية عشت لحظات رومانسية…..فلما رجعت لنفسي تذكرت أنك عندما تقوم بهذه الرحلة فأنت معلق بين السماء و الأرض ….تحتك جبال الألب و جبروتها….و غابات النمسا و كثافتها, و تبرق من تحتك بحيراتها و بحارها بزرقتها وسطوع الشمس على سطحها….تذكرت حكمة الأيام التي دائماً ما أكررها في مثل هذا الموقف( يقولون خواف و لا يقولون الله يرحمه )…..و قلت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات ….و سقطت كل أجنحة أحلامي بلحظة صدق مع النفس…..مع تحديد موقفي أحسست بأني نفضت عن نفسي حملاً ثقيلاً عندما أحجمت عن تلك الرحلة….و أحسست أنني رميت كل همومي التي اكتنفتني عندما فكرت بالقيام بتلك الجولة…..و للحق كنت أتمنى أن أقوم بها من أجلكم….و لما تذكرت حلمكم… و كرمكم.. و عذركم لي تنازلت عن ذلك…فهل أنتم كما تذكرت …. تابعت المسير حتى وصلت إلى منطقة كابرون و إلى التلفريك بالتحديد….و كان الطريق ممتداً إلى أعلى و لم يقف عند محطة التلفريك….. فقلت : لماذا لا أكتشف تلك المنطقة التي تقبع فوق الجبال….سرت عبر الطرق الضيقة…. والتي تحاذي الجبال و تمتد من تحت جبال الألب الضخمة ….

فوصلت إلى مناطق عده ….كل منطقة هي سحر بذاتها…. كل منطقة هي الجمال بعينها ….كل منطقة تغريك عن أخواتها….لكن القلب يحب و الوقت يضيق ….فتابعت المسي , و عندما وصلت إلى منطقة في أعالي الجبال…وجدت جموعاً من السياح تتزاحم بالركوب في باصات سياحية….سألت من كان هناك في المحطة….فقال إننا نأخذكم برحلة إلى أن تصلوا إلى الجليد في أعلى الجبل بمبلغ وقدره ….

و أما إن أردت أن تصل إلى هناك عبر سيارتك فلك ذلك و لكن برسوم مختلفة …..( هكذا فهمت منه و العمده على الراوي )….فكرت بأن أذهب معهم…..لكن صرفت النظر عن هذه الفكرة….لأني لا أحب أن أتقيد بمواعيد ركوب و انتظار ….و مرشد سياحي يصم أذني من أن أركب الحافلة….و سياح يركبون و يقدمون الكلاب على أطوال الشوارب…….مقولتي في هذه المواقف ( ما لك و مال الغثا )….R هو اختياري….نعم اخترت الريوس و الرجوع من أعلى الجبل….بدأت أنزل وبصورة جميلة…فكأني أنزل من زحليقة مائية ….أو أهبط من سفح جبل …أو نهر يسيل من أعلى القمم….فقط أمسك مقود سيارتي و أسير بين تلك الغابات… و الأنهار …و الجبال …

و هدفي و بلا تردد هو محطة التلفريك….هاهي محطة التلفريك المحها من بعيد…. أخذت موقفاً لسيارتي… لبست ما يقيني برد تلك المنطقة….قضمت قضمة من قطعة كاكاو …. كآخر السعرات الحرارية الموعودة بأزالت زفرات البرد الشديدة….توجهت إلى الكاونتر …و طليت تذكرة لفرد واحد ضعيف …غريب… لون وجهه شاحب من الخوف… و عليه سمات تختلف عن سمات أهل تلك الديار…شخص قد أرهقته همومه قبل أن ترهقه سفرته …شخص يبحث عن شيء بين تلك الجبال ….و ينظر لأشياء بعين الاستغراب…..شخص كأنه تاه وسط تلك القرى…اتخذ من سيارته رفيقاً….و اتخذ من مناظر الطبيعة أنيساً…. و اتخذ من حبات المطر صديقاً….يحمل همه في قفص صدري يكاد أن ينفجر ….و يحمل في عينيه هموماً يكاد منها فؤاده أن ينفطر….يحمل أشياء و أشياء ….و إن اختصرتهافيكفيه أنه غريب….و يكفيه نظرات الوحدة من حوله ….الغريب و إن بدت ابتسامته… و إن ضحك محياه…. فبداخله هم الغربة الذي يكاد أن يقضي على كل موطن السعادة…. أخذت تذكرتي ….و ذهبت إلى محطة التلفريك…فكانت العربات تنزل من أعلى الجبال كعقد فريد….فتختار واحدة المنتظرين و تحتضنه لرحلة برفقتها….رحلتي هي عبر أسلاك ممتدة ….في عربة معلقة….تحتها أرض بأشكال مختلفة….تراها من أعاليها للعالم كأنموذج مصغر للكون…مدينة صغيرة …وبحيرة أصغر…. و جبال محيطة ….و ثلوج تذوب… و شلالات تتكون ….و أنهار للغابات تخترق….مزارع و فلاحين …و قوارب و صيادين …. سيارات كألعاب في طرق تسير… و أناس كنقاط يتحركون….ومن حولك طيور تحلق… و من تحتك أبقار و ماعز ترتع …. كل شي صغير عبر لوحة التلفريك العجيبة…..وكل شيء يصغر و عظمة الخالق في نفسك تكبر….فالله أكبر….

عندما تمر من على الأبراج الممتدة عبرها الأسلاك …..تهبط العربات بسرعة …فتهتز نفسك خوفاً….و تعود بك الذاكرة من جديد إلى عالم الحقيقة وتعلم أنك إنما كنت في عالم الخيال و الأحلام….. اقتربنا من الأرض….في محطتنا الأولى ….نزلت و أبصرت من جهة اليمين و من اليسار….فاخترت أن اذهب من طريق اليمين ( الغرباء دائماً يختارون الطرق التي على يمناهم فلعلهم يرتاحون لها أو يطمئنون بها )…

فوجدت هناك طريق صغير متعرج عليه اثر أقدام المارة….من صغره فلا يكاد أن يكفي لقدمي ….ممتد عبر العشب الأخضر….متعرج يمر بين الصخور….تحاذيه مجاري مائية صغيرة….يرقى تلال و ينزل في وهاد….يظهر و يختفي…..كحلم أو كسراب ….قررت أن أسير عبره….وضعت قدمي بين مئات الأقدام المرسومة بين طرفيه…..فكأني سجلت أسمي كشاهد على تلك المشاهد….

أخذت أسير خطوة خطوة…أقفز مرة أخطو مرة….أنظر أسفل قدمي أنظر منتهى بصري….أعيش لوحدي في طريق لا أعرف إلى أين يوصلني…صعدت جسراً صغير يعبر بي شبك محطة التلفريك….نزلت و أكملت رحلتي…الطريق ممتع بمافيه من الصعوبات و الحواجز …. فكأنك تسير خطى حياتك…. فكأنك تفتك من قيودك…. و تواصل كفاحك ….كانت هناك قمة فيها الأعشاب منبسطة…. و الزهور منتثرة …و تغطي الأفق بمنظرها الجميل…..قدماي تتسابقان مع روحي لاكتشاف ما خلف تلك القمة…..صعدت خطوة خطوة لتلك القمة …و مع كل خطوة يظهر لي جبل …و من أعاليه تهبط شلالات الثلج الذائبة….و تهبط على أرض معشبة بنهر جاري ….وعند آخر خطوة ظهر لي منظر جميل…. كأجمل ما رأت عيني…

ذلك النهر يمر و يجري بلا خدود …يسيل على أرض بلا حدود….متعرج كأنه يغازل أطراف الأرض… فينظر أيها أجمل …و أيها أفضل…. فيختار أن يمر بها و يداعبها…يسيل بتبختر و حق له ذلك….يجري بنعومة و يرقص برقصة هادئة….

و من بعيد تسمع أجراس البقر …فيتهيأ للسامع أنها طبول زفاف لهذا النهر….أرض خضراء…. وسطها نهر أزرق… و من حولها زهور وردية و حمراء و صفراء… و من على جوانبها أبقار بألوان بنية مرقعة بالبياض…

فهل هناك أكمل صورة و أجمل من هذه الصورة….فسبحان الله الخالق…. و لا أعلم لماذا أتذكر في مثل هذه المناظر كل الناس الذين أحبهم….فهل أتذكرهم…. لكي أجعلهم يعيشون معي لحظاتي الجميلة ….لو عبر تأملي و تفكري…آه لعلها تصل إليهم….. فأنا أحبهم….

نزعت روحي من تلك المنطقة انتزاعاً….و ودعتها و القلب قد وضع لها في حياتي مكان عالياً….ودعتها و أنا أشاهد من بعيد بعض الرحالة و معهم بعض قوتهم من شرابهم و أكلهم و متاعهم….. و هم يتمتعون بذلك المنظر و ما يحملون معهم من المأكل….و لكم تمنيت أن أكون قد حملت معي القهوة و الشاي و التمر و المعمول و الكليجا…. لكي أعيش لحظاتي السعيدة بأكمل صورة….

ودعت تلك المنطقة ….و قلبي يلتفت إليها كل حين… و عيناي تلتقطان لها صور من كل جانب….نزلت من ذلك المرتفع و رفعت عيناي ….ودعوت بأن يرزقني الله الجنة أنا و والدي و زوجاتنا و أبنائنا و المسلمين أجمعين….

ركبت عربة التلفريك المعلقة….لنرحل من هذه المنطقة الجميلة…إلى محطتنا الثانية …و التي هي عبارة عن منطقة في أعالي الجبال…و ليس فيها أي منظر للطبيعة…و لكن فيها مقاهي و أماكن لأكل و الاستراحة…و الجبال المغطاة بالثلوج….

أكملت رحلتي عبر التلفريك الآخر…. و هذا التلفريك هو يجمع جميع الركاب في عربة واحدة…فنكون كعالم صغير في كبينة واحدة ….كبار وصغار… عرب و عجم …كهول و شباب …ألوان و ألوان….هذا خائف و هذا ضاحك…. و ذا وجل و يبطن علامات الحزن….هذا يتحدث و ذاك يقضم أظفاره…و هذا يصور و ذاك يرقب نهاية المحطة…و المرشد السياحي يزيد من صوته في محاولة يائسة لإيصال صوته للجميع….أما أنا فأقف في زاوية و أتأمل….

وصلت العربة إلى أعلى الجبل….الثلج يغطي القمم ….و المتزلجين يروحون و يغدون عبر عربات صغيرة معلقة….عالم آخر….السحاب يمر من بين أيدينا….القمم تشرف على الأرض كلها ….

في ذلك المكان كأنك تعيش مع عائلة واحدة…. فقط أنت و هم و ثلوج و سحاب و عربة تقبل وتدبر…..تحس أنك منهم و أنهم منك……تجد الكثير من النظرات تتجه إليك و تجد الكثير من نظراتك تصوبها إليهم……تحس بتقارب بينك و بينهم…فهل بياض الثلوج و بياض السحاب يلبس النفوس بياضاً داخلياً…..فلو اعلم أن الأمركذلك لعشنا طول أعمارنا هنالك….

مرت من عندي عاجوز ( طبعاً و بتسخير من الله ….قد رسخت محبتي في قلوب عجز النمسا كلهن ) …نظرت إلي بابتسامة خجلا ….ثم أتبعت ابتسامتها بكلمة قالتها على عجل….ثم كررتها بوجل….ثم أطرقت إلى الأرض…فقالت : هل من الممكن أن تساعدنا….فابتسمت ….ليس فرحاً لكن تعجباً من تسلط تلك العجائز على هذا الفتى العربي….فقلت لي الشرف أعلاه أن أكون في خدمة أي عجوز من عجائز النمسا الغراء…فقالت أكون لك شاكرة و لخدمتك ذاكرة…..قلت في نفسي ( بدأت أغنية الحب تُنشد و سيفونية الحرمان تُعزف )….أطلبي ياعزيزتي ما تريدين… فنحن العرب قلوبنا رقيقة …و عن العجز لا تستغني دقيقة…فقالت هي خدمة صغيرة…و في نظري هي جليلة و كبيرة….قلت اللهم طولك ياروح و اللهم انزع منها الروح و أرحنا من هذه العجوز القبيح…فقالت مرسيه….فقلت ياربيه…أأدعو عليها فتذوب ….مع تلك الثلوج الذائبة…..نظرت إليها نظرة حارة…. كادت أن تذيب نظرتي ثلج جبال الألب…

فقلت ….خلصينا يابنت الناس ….فقالت على استحياء….هل تلتقط لي صورة جماعية مع عشيقي و رفيق قلبي….فقلت : الدلعدي ذاك….. يكون حبيب قلبك…..فهزت رأسها و كاد أن يطير قلبها…قلت عجباً لآخر الزمان…. في النمسا يستمر الحب حتى آخر قطرة…و عندنا يموت الحب من أول نظرة……فصبركن الله علينا يانساء العرب….و صبر الله رجال النمسا على هذه العجوز الشمطاء….أخذت الكاميرا…فابتسمت ابتسامة ….و وضعت يدها على كتف عشيقها ….و خيل إلي من خلال عدسة الكاميرا أنني أصور الشيطان الرجيم وهو بصورة امرأة من أهل النمسا…..لمع فلاش الكاميرا و ذابت ابتسامة كانت تحملها تلك العجوز….و رن صوت ضاغط الكاميرا بين تلك الجبال…. فأصبح يدوي و ينطق بميلاد صورة جديدة لعشاق على حافة الموت و الهاوية…..

تابعت جولتي فوق القمم…..فدخلت غار جبلي مزدان بأثاث بسيط ….و نظرت من خلاله إلى حياة جديدة ….كلها بياض من جدرانها و أرضها و سقفها و فنائها….فكان منظراً جذاباً راقياً جميلاً…..في خطواتي الأخيرة خلال تلك القمم…

لمحت من بعيد عائلة خليجية….متجمعة…. معهم أمهم وهي كبيرة السن و بناتهم و أطفالهم….و قد وضعوا عجوزهم في زلاجات….

فأخذوا يمسكون يديها…. فأصبحت كمن هي في خطواتها الأولى من عالم المشي…بينما أبنائها و بناتها يضحكون بأصوات مرتفعة ….وعجبت من أمرهم و أمر عجوز النمسا فذيك متعلقة بعشيق أوصديق بالي…. و هؤلاء يحفون أمهم من كل جانب ….فالحمد لله أن جعل لكبار السن بيننا مكانه… و أن وضع حبهم في قلوبنا أمانة…..

نظرت من جانب آخر فوجدت أب خليجي معه خمس فتيات ….يحطن به… كم يحيط السوار بالمعصم….ينظر إليهن نظرات عطف وحب…يتفقدهن و يتابعهن ….و يتبع كل نظرة بابتسامة ….حريص كل الحرص على فتياته مهتم بأمرهن …..فقد كتب الله أن تلتقي عيني بعينه في هذا اليوم خمس مرات…فقد رأيته في الصباح الباكر عند البحيرة …و في مركز البلد… و في أعلى الجبل …و عند الغروب….و في شوارع المدينة….و في كل حين أراه هو و بنياته كوردة زاهية الألوان …. كن يحطن به كما تحيط الجفون بسواد العيون…فأسأل الله أن يجزيه خيراً على حرصه…و أن يزيده من حبه و حبهم…و كانت نظرتي و إعجابي لتلك العائلة هي نظرتي الأخيرة قبل أن أودع ذلك الجبل….

انسللت عبر أسلاك التلفريك…في هبوط …و نظراتي تتجول بمناظر الطبيعة من حولي…فأرسم حروف الوداع….و أكتب في قلبي أحلى الذكريات….مررت بالمحطات مرور الكرام …في طريقي للعودة…   و إن كان كل ما رأيت جميل …فقد رأيت أجمل من ذلك… فهل تعلمون ما رأيت ….لقد رأيت صورة الأخوة …عبر لقائي بأخي الفاضل المسافر سعد…فقد تواعدنا في ماكدونالدز….و القريب من فندقي…..فانتظرت ذلك اللقاء …حتى بلغ مني الصبر مبلغه…فقد يئست أن ألتقي به… فقد كان الموعد الساعة العاشرة والآن الساعة تدق العاشرة و النصف ….جلست في أحد الطاولات الجانبية و عيناي ترقبان كل من يدخل عبر بوابة المطعم….تتفحصه تترقب منه أي نظرة…كنت أصنع ابتسامة لكل الداخلين معلنة حضوري بين المتواجدين…فلما أراه عني معرضاً ….أعلم أن فراستي بأصدقائي ضعيفة و أنه لم تحن ساعة الالتقاء….خرجت من المطعم و وقفت على بابه لعلي أجده في الخارج….و نظرت جهت اليمين وجهة اليسار…و الغرباء دائماً يختارون اليسار لا أعلم هل يحسون بالأمان أكثر( لا يقول أحد منكم إنك قلت عندما كنت فوق الجبل أن الغرباء دائماً يختارون اليمين و يحسون بالطمأنينة….هذا الأمر فيه تفصيل…فالغرباء عند المطاعم يختارون جهة اليسار…. و في أعالي الجبال يختارون جهة اليمين….وجهة نظر…..مو هذولا الغرباء حقيني و على كيفي أخليهم يختارون يمين أو يسار…بعد ممكن أخليهم يرجعون وراء )….تفحصت المكان خارج المطعم ….هناك صوت يناديني هل أنت نسيم نجد ….فأجبت بنعم …فقال إني أبي يدعوك لمقابلته في الشقة…..سار أمامي و كل الشوق للقاء…و فكرت بهذا السعد الذي لم يمنعه استعداده للسفر و غربته أن يدعوني للقاء ….و أن يكون اللقاء في شقته …رغم أن الإنسان في سفره يكون في وضع غير مهيأ لاستقبال الضيوف…لكن هو المسافر سعد الذي ينبع منه الكرم…هو سعد الذي تستقبلك عيونه بالترحاب ….و وجهه بابتسامة ملئها التهلال …هو سعد عرفته عبر عارفيه …فوجدته أعلى من واصفيه…فبارك الله فيك أخي و في أخوتك…… بعد لقائي بالمسافر سعد….و عندما خرجت من شقته …نظرت جهة اليمين و جهة اليسار….فكما تعلمون الغرباء دائماً ينظرون إلى الجهات فيختارون………..أين كان الخيار هذه المرة…..

ملاحظة : إذا لم تفتح بعض الصور … أضغط المفتاح الأيمن للفأرة …و اختر من القائمة المنسدلة إظهار الصورة ( المفتاح الأيمن + إظهار الصورة ) . و لكم تحياتي ……و أعتذر عن تأخر هذه الحلقة….فقد ولدت بعملية قيصرية …..فقد كتبتها خمس مرات ….و للأسف فقد فقدت كل تلك الحلقات من ميموري فلاش….و لا أعلم أي تلك الكتابات هي أفضل…فقد كانت كل واحدة منها قد كتبت بأسلوب ليس له علاقة بالأخر….لكن كل الذي أعلمه أني كتبت هذه الحلقة على عجل لعلي أرضيكم قبل أن تسخطوا علي بتأخري عنكم….فهي تحمل بينها ….اعتذار… و أسف… و استسماح….فمنكم اعتذر أخوتي

نسيم نجد

naseemnajd.com

روابط بقية الحلقات :

الحلقة الأولى

الحلقة الثانية

الحلقة الثالثة

الحلقة الرابعة

الحلقة الخامسة

الحلقة السادسة

الحلقة السابعة

عن سليمان الصقير

محب للسفر والترحال : مؤلفاتي : 1- 800 خطوة لرحلة سياحية ممتعة 2- 150 طريقة ليصل برك بأمك 3- أمي أنتِ جنتي 4- بنيتي لكِ حبي 5- مذكرات مدمن إنترنت

شاهد أيضاً

ملف متكامل عن النمسا من جمع وإعداد الخبير (النمسا التي رأيت) @Austria_1

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بين أيديكم ملف متكامل عن النمسا من إعداد الخبير (النمسا …

3 تعليقات

  1. تذكّرت أحدهم حين رأى أحد هذه المناظر البديعة ترتع فيها الأبقار , فيقول مازحا بالطبع : ألا ليتني بقرة !!

    التلفريك .. لكم عاهدت نفسي ألا أركبه
    ثم أركبه ..!!
    جمال المنظر مع متعة المخاطرة
    تختال أمامي في كل مرة أرى فيها تلفريكا
    إن كانت فوق سهول خضراء كتلك التي في سويسرا
    أو فوق صخور صماء كتلفريك الطائف
    أو غابات متشابكة ملتفة الأشجار في ماليزيا
    أو ذاك الذي ركبته فوق واد سحيق بين جبال كولورادو الشاهقة ..
    وغيرها في لبنان وتركيا وو
    ركبتها .. خفت منها ..عاهدت نفسي بعدها .. لكنني أعود !

    الفاضل نسيم نجد
    شكرا لكم ,,

  2. أختي الفاضلة / رحيل ~
    قد يقول المنبهر أكثر من ذلك …(-:
    و لعل قصتك و عهودك مع التلفريك يذكرني بخوف ريحانة نجد من تلفريكات أبها و ماحولها ..ولكن عندما تجد ضغط الصغار عليها ترضخ لطبلاتهم فتؤثر أن يأكلها الخوف و لا أن تخفق في تحقيق تلبية رغباتهم …و ليس ذلك بمستغرب فقلب الأم يسكنه العطف على كل نزعة خوف .
    و لكن لم يكن عصافير نجد بالمقام نفسه , فقد كانو يخوفونها و يطلبون المزيدإزعاجاً لها و حتى يستمتعو برؤيتها خائفة ,..
    فنسأل الله لهم الهداية و الصلاح , و أن يرزقنا بر الأمهات .
    بارك الله فيكم على مروركم .

  3. تجننننننننننننننننن

    تجننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننننن طعمهههههههههههههههههههههههههههههههه مكووووووووووورررررررر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.