ماذا تفعل الفتاة السعودية في مدينة بون الألمانية ( 6 )

اللقطة الرابعة : خط سير الرحلة مع شخص أصم أبكم
طريق السير : من مدينتي إلى الرياض 10 صباحاً , من الرياض إلى مسقط 5,5مساءً , من مسقط إلى البحرين 1 صباحاً , من مسقط إلى فرانكفورت 2,5 صباحاً , ثم الوصول 7,5 صباحاً إلى ارض المطار , الوصول إلى بون الساعة الواحدة ظهراً , 27 ساعة طيران  , و خمس مطارات , وخمس مرات إقلاع ,  و طبعاً خمس مرات هبوط , وخمس وجبات ( زاد الوزن ) ,  وخمس مرات تغيير طيارة ,  و خمس مرات تغيير الكرسي ,   , على هذا لعدد من الأرقام من الممكن أن أدخل كتاب جينس للأرقام القياسية ,  حقيقي أعتبر نفسي قد اجتزت أصعب اختبارات التحمل , وبذات عندما أعلن المنادي في مطار مسقط إن الموعد تأخر لمدة ساعة ,  وبعد ذلك يفاجئنا بصوته الرخيم أن الطائرة سوف تهبط في مطار البحرين  ” يامفتري ” , لكن الحق يقال الرجُل لم يقصر معنا فقد قضى جزءً كبيراً من وقته بالدعاء لنا , بعض الوقت يدعي لنا بأن نقضي رحلة سعيدة , و أن نصل سالمين , و أنهم يتمنون أن نستمتع برحلتهم , و أن نعود مرة أخرى على هذه الخطوط جزاهم الله خير  , الكلام الطيب يخفف بعض العناء , و أعتقد أن البعض يريد أن يقولون لي : إيش ألي حادك على المر  ,  أقولكم ألي أغلى منه فالسعر عبر خطوط الخليج يقل و بكثير عن الخطوط الأخرى , و قد يعتقد البعض أن المأساة انتهت , لقد أحسنتم الظن بحالي , إن من أسوء الأشياء أن تركب الطائرة بجانب شخص أصم أبكم , كلما أردت أن تفتح معه موضوع أغلقه بسرعة , و إذا تبسمت كشر , و إذا ضحكت عبس , و إذا التفت إليه أعرض , أسرع من سرعة الصوت و الضوء و الرياح في إغلاق أي مجال للحديث ( كونكورد تسكير مواضيع ) , و أنا ولله الحمد على قضائه و قدره وفقت بتلك النوعيات في كافة الرحلات التي مررت بها في سفرتي هذه  , ( ممكن هم يقولون عني نفس الشي )  , حالات مستعصية من التآلف مع الآخرين , على العموم  , جاورت في رحلاتي هندي و عربي وجنسيات كثيرة لا أعرفها ,  كأني أبحث عن حظي في هذه الرحلات فلا أجده  , أو طأني أبحث من يقضي علي وقتي فلا أصل إليه , من الذين جاوروني شاب كنت أعتقد أنه أفريقي قلت له : نصفها كافتتاح للدردشة و النصف الاخر استعرض بما أملكه من الكلمات البسيطة فقلت : يو سبيك إنقلش : نظر ألي بربع عين ’ بل بأقل من ذلك , ثم قال…no ..NO من نفس شينه و بشكلين من الكتابة الصمول و الكابتل ( شين و قوي عين ) ,  وأدار بوجهه إلى الجهة الأخرى ,و لكن لقد التمست له عذر ,  فم الممكن أن تكون زوجته أغضبته ( قصدي ممكن هوا مزعل زوجته  , الاحتياط و اجب ) ,  أو من الممكن أن يكون قد ذهب إلى فرانكفورت لعزاء بعض الأقرباء , أو ممكن عاملة مصيبة مع المدير ,  ( بعض المدراء الله يهديهم يطفرون الواحد ) ,كل ذلك أسلي نفسي بعدم قبولي من جليسي الذي بجانبي .  و عندما هبطنا في المطار , و لم يستطع تحديد المسار قال لي نفس الشخص : ياخوي و ين الجوازات  , و أنا بيني و بين نفسي أقول مسكت ست ساعات و نفس شينه و توك تحكي عربي , أرسلت ست علامات تعجب من عيني , و خمس اندهاشات من حاجبي , و استنكار طويل من بوز ممدود يكاد يعبر الحدود , ثم أجبته على سؤاله . على العموم لكل مشكلة حل , أنا أخذت احتياطي للتعامل مع مثل هذا الرجل في الطائرة , حقيبة اليد فيها أربع كتيبات , فأشتري كتاب خاص لكل رحلة فيكون هذا الكتاب رمز لتلك الرحلة ,  أكتب عليه في المقدمة بدأت قراءة هذا الكتاب في التاريخ كذا ,  عندما كنت بين السماء و الأرض في رحلتي بين مدينة كذا و كذا ,  عندما جاورني في المقعد أصم أبكم جنسيته كذا و كذا , فكتابي في هذه الرحلة في طريق الذهاب بعنوان ” أيام من حياتي  ” للدكتور / زهير السباعي , أبحرت فيه مع الكاتب في تجربته في الحياة أيما إبحار ,  في سرد قصصي مبسط لتجربه شخصية مليئة بالأحداث ,  في قالب جميل مشوق , فهو ينقلك من بين أزقة الحجاز , إلى سراديب القاهرة , إلى مدن ألمانيا , إلى ولايات أمريكا , ومن ثم يتركك في شوارع بريطانيا لتتخيل باقي التجربة ,  يعرض في هذا الكتاب تجربته المتخصصة في بحث الدكتوراه في تخصص طب المجتمع , وما تكبده من قسوة العيش في قرية نائية من قرى الجزيرة العربية ,  حيث يجري بحوثه و تجاربه في تلك البقعة السحيقة من الأرض ( جملة اعتراضية …أنا لما قراءت الكتاب تيقنت أن الدكتوراه صعبة واجد ,  كنت أفكر أدرس دراسات عليا  , و أجمع من هالكتب و أقعد أطالع فيهم و كم شهر أو سنه و يصير قدام اسمك الحرف المميز ” د ” شوفوا شكلها يا سلام د / نسيم نجد ,  و إذا جلست في المجالس أقعد أقول للناس كلمات الدكاتره المشهورة , في الحقيقة و الواقع ,  و من واقع تجربة ,  و عندما كنا في أمريكا ,  و أنتم إلى متى متخلفين , بعدين لازم إذا رحت البحر آخذ كرسيين و لونهما أبيض مخطط بأزرق واحد لي والآخر لزوجة الدكتور ” حضرتي ” و نلبس نظارات شمسية ,  وعصير ليمون يصبرنا و يهدي أعصابنا على هالمجتمع المتخلف الرجعي  , ونجلس نطالع بالمتخلفين ألي حولنا جالسين على بسط و يشربون شاهي في جوا رطب و حار ,  ونتحاور أنا و زوجتي كيف نستطيع تعديل المجتمع من هذا الوضع إلى وضع تقدمي أفضل  ,  لا لا لا الله لا يقوله سرحت بس اشوي ورفعت خشيمي أجل لو أصير دكتور بحق و حقيق و ش أسوي ) نعود للكتاب و الرحلة حقاً 200 صفحة من التجارب ,  تمنيت أنها أكثر من ذلك بكثير  , وكان أكثر ما يضايقني هما المضيف أو المضيفة عندما يقاطعون رحلتي عبر الصفحات بوجبات الطائرة ,  ولكن عندما تفوح رائحة الوجبة الشهية أقدم غذاء البطن على غذاء الروح , الكتاب لاحقين عليه , بعدين لما أموت من الجوع مأعتقد ينفعني لا زهير السباعي و لا غيره  , بعدين الدكتور السباعي دائماً ينصح بالتغذية السليمة , ولا مو كذا يادكت
ور , كذلك لاحظت أن الجميع عند إقلاع الطائرة يتظاهرون بالتعب فيطلبون اللحاف و الوسائد , فيجمعون كل الأشياء المجانية بجانبهم , و ذلك من باب أن ” الشيء المجاني ربحه بيّن ” فلا ترى منهم إلى أطرف أنوفهم و لمعة من عيونهم من كثرة الوسائد و الشراشف المطلوبة و السماعات المعلقة , ثم يضع الكرسي على أقصى ما يكون من وضع الاستلقاء وعندما تقبل المضيفة ( إتقرقش بصوت المواعين ) ونداء المضيفة ” ميت أور تشيكن ” يخرج الموتى من تحت شراشفهم , و ترفع الوسائد , و تنصب الكراسي مخافة أن يفوتهم قطار التغذية ( تراني أنا ماي مثلهم جالس ثقل ,  وقاعد أردد : شيكن شيكن شيكن , الاستعداد طيب ياناس ) لو تنظر إلى الناس و كل و احد منهم يرفع رأسه من فوق الكرسي الذي أمامه و يقول في نفسه : عسى مايخلص الأكل عني ,  و يناظر بالساعة  , و يتساءل ليش تأخروا عسى ماشر ,  و يقضم برطميه , لا أدري هل هو من الحماس الزائد أو تمرين بسيط يسبق الأكل , أنظر إليهم و أقول بنفس ” بدري يالحبيب يجي دورك فشلتونا مع ربعنا الأوربيين ” , الغريب عند الأكل يتساوى البشر الأوربيون أو غيرهم , فكلهم لابد أن يتذوقون الطعام سواءً , أعجبهم أم لم يعجبهم , ويهمهم أن لا تفوتهم الوجبة  , الضجيج يرتفع في داخل الطائرة , فالعالم من كل حدب و صوب ينادون أحد يقول : ” شيكن ,  ثانكيو ” و أحد يقول : ” مِيت بليز ” أنا ميت من الجوع  ,  واحد يقول ميت ويذ شيكن , ثم يكرر للمضيفة الأعجمية , جزاك الله خير , و كثر الله خيركم , وكثر الله من أمثالكم  , و المضيفة تقول : ثانكس ثانكس يا أبن الناس ,  أعود إلى خط الرجعة فقد جهزت ثلاث كتب للدكتور غازي القصيبي أولها ” استراحة الخميس” و الثاني ” العولمة” و الثالث رواية باسم ” سلمى” رأيت فيها الدكتور شاعراً و راوية و ووزيراً مهتماً بشئون التجارة والصناعة , يتجاوز مجموع صفحات الثلاث كتب 250 صفحة , بأحجام مختلفة , و مواضيع متفرقة , يجمعها الأسلوب الممتع , أفضلها العولمة , ثم سلمى , ثم استراحة الخميس , للحديث بقية و أشكركم على متابعتكم وصبرك أو تصبركم  .

وغداً القريب ألقاكم بمشهد جديد و لقطة أخرى
أخوكم : نسيم نجد
www.naseemnajd.com

روابط بقية الحلقات …

الحلقة الأولى

الحلقة الثانية

الحلقة الثالثة

الحلقة الرابعة

الحلقة الخامسة

الحلقة السادسة

الحلقة السابعة

الحلقة الثامنة

الحلقة التاسعة

الحلقة العاشرة

الحلقة الحادية عشر

الحلقة الثانية عشر

الحلقة الثالثة عشر

الحلقة الرابعة عشر

الحلقة الخامسة عشر

 الحلقة السادسة عشر

الحلقة الأخيرة

عن سليمان الصقير

محب للسفر والترحال : مؤلفاتي : 1- 800 خطوة لرحلة سياحية ممتعة 2- 150 طريقة ليصل برك بأمك 3- أمي أنتِ جنتي 4- بنيتي لكِ حبي 5- مذكرات مدمن إنترنت

شاهد أيضاً

700إحداثية لمعالم ومزارات وحدائق وأسواق الدول التالية : تركيا – فرنسا – سويسرا – النمسا – إيطاليا -ألمانيا

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها السادة هذه مجموع الموضوعات التي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.